Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

من غرائب حفظ المغاربة والأندلسيين لكتب الحديث [23]

      هذا المقال صلةٌ للذي قبْله، وتُمَثِّل هذه الصلة الجزءَ الثالثَ والعشرين مِن هذه السلسلة المعنْونة بـ: “مِن غرائب حفظ المغاربة والأندلسيين لكتب الحديث”. وكنتُ في المقال الذي قبل هذا جلبْتُ شيئا يتعلق بحفظِ شخْصية مغربية مشهورةٍ بعلم الحديث، وهو الشيخ المحدث السيد محمد عبد الحي الكتاني، وقَدَّمْتُ فيما جلبتُه ما يدل بنصٍّ أو دِلالةٍ على حفظِ شيْء معَيّنٍ مخْصوص، إذ للمنصوص عليه التَّقْدمةُ، فالإخبارُ بحفظ كتابٍ مخصوصٍ أو عددٍ مِن الأحاديث معيَّنٍ أدَلُّ على جودةِ الحفظ مِن الإخبار عن الاتّصاف بالحفظ المطلَق دُون تقييدِ ذلك بشيءٍ معين.

      وأجْلب في هذه الصّلة مَا ذُكر به الشيخُ رحمه الله مِن مطلق الحفظ، وذلك في شهادات الثقات المعاصرين له، وأختم بما ذكره أحدُ المصنِّفين في التراجم ممَّنْ لم يلْقَ الشيخَ رحمه الله تعالى مُعلِّقًا على كلامه.

      فأمّا ما ذكره به المعاصرون له مِن الحفظ فقد جمع ابنه السيد عبد الأحد[1] في تقديمه لكتاب والده “فهرس الفهارس” جملةً ممَّا حلّاه به أعلامُ العصر، وفي نصوصِ كثيرٍ منهم الشهادةُ له بالحفظ.

      مِن ذلك ما حلاه به شيخُ الإسلام عبد الرحمان الشربيني في تقريظه على رسالته “الرحمة المرسلة” المطبوع معها بمصر عام 1323هـ، فقد وصفه بحافظ المغرب[2].

      وكثيرا ما ينقل عنه عالم الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي في تأليفه في الفوتغراف واصفًا له بالحافظ. وكذا وصفه شيخ المالكية بالأزهر الشيخ سليم البشري في إجازته له بالحافظ الضابط الثقة المتفنن. وكذا حلاه عالم مراكش وزعيم علمائها أبو عبد الله محمد بن إبراهيم السباعي عام 1320هـ بالعالم الحافظ اللافظ[3].

      وكتب عالم الجزائر الشيخ محمد بن عبد الرحمان البوسعادي الهاملي في تحليته: مجدد رسوم العلوم الحديثية، ومحيي دارس الآثار المصطفية بالمغربين، بل حافظ الخافقين، المشرق نوره بالمشرقين[4].

      وقال الأستاذ المكي بن عزوز في طالعة مكتوبٍ له: “إمام الحفاظ والمسندِين”[5].

      وأما المعاصر الذي لم يلق الشيخ رحمه الله فهو الأستاذ محمود سعيد ممدوح؛ فإنه وضع كتابا في المعتنين بالحديث في القرن الرابعَ عشر، سماه “تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر”، وصنع للشيخ محمد عبد الحي الكتاني ترجمةً حسنة بدأها بالثناء عليه بالمعرفة بالفهارس والأثبات وأسانيد الكتب، وختمها بتجريده مِن لقب الحافظ، وسأقتصر في هذا الجزء على ما ذكره مِن عنايته برواية الكتب مرجئا ما يتعلق بلقب الحفظ ومناقشتَه في ذلك إلى المقال المقبل إن شاء الله.

      قال الأستاذ محمود سعيد ممدوح: “اعتنى عناية فائقة مع همة نادرة وحرص عجيب برواية الكتب والإجازات، وتحصيل الفهارس والأثبات، وجمع في ذلك ما لم يجمعه غيره”[6].

      وقال: “لم يبلغ أربعين عاما من عمره إلا وصار أعلم أهل الأرض بهذا الفن… واشتهر اشتهارا عجيبا، ليس في المغرب فقط، بل في المشرق أيضا”[7].

يتبع

———————————–

  1.  “مقدمة “فهرس الفهارس” 1/12.

  2.  مقدمة “فهرس الفهارس” 1/7. ولم يعيّن فيها اسم كاتبها، وإنما وُصف بأنه كاتب كبير، وشاعر خطير. وقد أخبرني السيد عبد الرحمان بن الشيخ عبد الحي الكتاني أنه أخوه الأكبر السيد عبد الأحد.

  3.  “مقدمة “فهرس الفهارس”، 1/12.

  4.  “مقدمة “فهرس الفهارس”، 1/15.

  5.  “مقدمة “فهرس الفهارس”، 1/15.

  6.  “تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر”، ص: 279 (دار الشباب للطباعة، القاهرة، ط1، 1984).

  7.  “تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر”، ص: 279-280، (دار الشباب للطباعة، القاهرة، ط1، 1984).

أرسل تعليق