Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

ظاهرة الاحتمال ومراتب الخطاب في النسق الأصولي المالكي.. (10)

ظاهرة الاحتمال ومراتب الخطاب في النسق الأصولي المالكي.. (10)

 3. قـواعـــد بيـان الإجمـال

يقصد بقواعد بيان أو تفسير المجمل مجموع القرائن المرجحة لأحد الاحتمالات، وقد حصرها التلمساني في أنواع ثلاثة هي:

1. القرينة اللفظية؛

2. والقرينة السياقية؛

3. ثم القرينة الخارجية..

أما الأولى فشاهدها ترجيح المالكية دلالة القرء الوارد في قوله تعالى: “والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء” على الطهر لا الحيض، ومستندهم في ذلك:

– أن القرء إذا جمع على قروء كما جاء في الآية كان المراد به  الطهر لا الحيض، إذ لو كان المراد به الحيض لجمع على أقراء كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “تدع الصلاة أيام أقرائها[1].

– اقتران عدد القروء في الآية بالتاء فيقال: ثلاثة قروء وهو يناسب الطهر “فيقال: ثلاثة أطهار، والحيض مؤنثة، فيجب حذف التاء من العدد المضاف إليها، فيقال: ثلاث حيض، ولما قال الله تعالى ثلاثة قروء بالتاء علمنا أنه أراد الأطهار[2].

وأما الثانية فمثالها ما ذهب إليه الحنفية وبعض المالكية من جواز انعقاد النكاح بلفظ الهبة لقوله تعالى: “وامرأة مومنة إن وهبت نفسها للنبي” [الاحزاب، 50]، إلا أن المعترض من الشافعية يرد هذا الاستدلال بالقول إن قوله تعالى (خالصة لك من دون المزمنين) دليل على الاختصاص، والاختصاص غير متعين إذ يحتمل “أن يكون ذلك الشيء هو جواز النكاح بلا مهر، ويحتمل أن يكون ذلك جواز انعقاد نكاحه بلفظ الهبة، وإذا كان اللفظ محتملا للمعنيين لم يصح القياس، حتى يترجح أن المراد بالاختصاص هو ملك البضع من غير عوض، لا جواز النكاح بلفظ الهبة”[3].

غير أن هذا الاعتراض مندفع بسياق الآية الذي يبين أن المقصود ملك البضع بغير صداق، وبيان ذلك أن الآية وردت في معرض بيان شرفه عليه الصلاة والسلام على أمته ونفي الحرج عنه حيث قال تعالى: “قد علمنا ما فرضنا عليهم في ازواجهم وما ملكت أيمانهم لكي لا يكون عليك حرج” [الاَحزاب، 50]. فالشرف إنما يحصل بإسقاط الصداق عنه لا بمجرد إباحة لفظ له وحجره على غيره.  “فهذا السياق كله يدل على أن المراد بالخلوص ملك البضع من غير مهر لا اللفظ[4].

وأما الثالثة: فهي أن يتعضد أحد الاحتمالات بدليل منفصل من نص أو قياس أو عمل:

ومثال الأول ترجيح المالكية دلالة القرء على الطهر لقوله تعالى: “يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن” [ الطلاق، 1]. ووجهه أن الحق سبحانه أمر بطلاق يستتبع العدة، وهذا لا يتصور إلا في حال الطهر؛ لأن الطلاق في حال الحيض حرام.

ومثال الثاني تعضيد احتمال الطهر بالقياس عند المالكية والشافعية، وتقريره أن العدة عبادة من العبادات “والشأن في العبادة أن الحيض ينافيها ولا تتأدى فيه، فضلا عن تتأدى به، ألا ترى أن الصلاة والصيام والطواف لا تصح مع الحيض بخلاف الطهر، فالقياس يقتضي في العدة أنها تتأدى بالطهر مع الحيض، وإذا كان كذلك وجب حمل القروء في الآية على الأطهار لا على الحيض[5].

وأما الثالث فمثاله إيجاب غسل الأرجل في الوضوء في قوله تعالى: “وأرجلكم إلى الكعبين” [المائدة، 5]؛ لأن هذا هو المنقول من عمل الصحابة والتابعين، فيكون احتمال المسح مرجوحا وإن كان واردا[7].

———————————————–

1. أخرجه الترمذي وأبو داود والدارمي وابن ماجة من رواية عدي عن أبيه عن جده.

2. مفتاح الوصول، التلمساني، ص: 454. وانظر كذلك بداية المجتهد لابن رشد، 90/2. ط 10، 1988، دار الكتب العلمية بيروت.

3. مفتاح الوصول، ص: 455.

4. مفتاح الوصول، ص: 456.

5. مفتاح الوصول، ص: 458.

6. مفتاح الوصول، ص: 459.

أرسل تعليق