Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

حالة المعرفة في حقل علوم القرآن نحو استئناف العمل البنائي والتجديدي لعلوم القرآن… (5)

المقدمة الخامسة: تتمثل في الحاجة الماسة إلى إعادة نَظْم تراثنا حتى يكون سهل المتناول متعقَّل المعنى والمبنى، وينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “قد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك”[1] فالإرث مبارك وغني وواسع، والمؤسف أن نرى شيوع التعامل معه في أغلب الأحيان بمنهج الاستظهار والترداد والتبرك والسرد فقط. والسؤال هو كيف يمكن أن نحقق النقلة من هذه الحالة إلى حالة الاعتبار والوظيفية؟ وهذا لاشك، سيفرض بدوره سلسلة من المراجعات، ويقتضي جملة من الجهود أَزِفَ أوان القيام بها.

إن التجديد في هذه المناهج هو الذي من خلاله يمكن أن يتم إسهامُ المسلمين وشراكتهُم في تشكيل التاريخ المعرفي والحضاري الكوني، انطلاقا من قوة اقتراح قابلة للفهم وللفحص، متأبّية على الردّ والتفنيد وإلا فإن هذا التاريخ المعرفي والحضاري العام سوف يستمر في التشكل ونحن غيابٌ هذا الغياب الجزئي..[2].

والناظر في تاريخ علوم القرآن، يلحظ أن المؤلفات بعد السيوطي، وكأنّي بها دخلت في سُبات؛ فلم تسجل لنا كتب المصادر والمراجع “الببليوغرافيا” وفهارس علوم القرآن شيئاً  كثيرا من كتب علوم القرآن بعد السيوطي حتى منتصف القرن الثالث عشر الهجري، إلا ما كان من كتب[3] اتخذ أصحابها من السيوطي قدوة وأسوة، واعتمدا عليه اعتماداً كبيراً، فوردا حوضه، ونهلا منه، وصدرا عنه، ثم حميت التآليف بعد ذلك وتوالت، وكانت في معظمها وفق مقررات الدراسـة في الجامعـات، وكان “برهان” الزركشي و”إتقان” السيوطي مرجعاً مهماً لها[4]. بالإضافة إلى المذكرات المؤلفة خصيصاً لطلاب الجامعات[5]. وهناك رسائل علمية قدمت لنيل درجات الماجستير والدكتوراه سواء في نوع أو بعض أنواع علوم القرآن وهي كثيرة جداً..

يتبع في العدد المقبل…

———————————

1. رواه ابن ماجه عن العرباض بن سارية.

2. شهد العصر الحديث نهضة في علم التفسير، كان أول من أطلق شرارتها في أواخر القرن التاسع عشر جمال الدين الأفغاني، أثناء إقامته بمصر، فتفرعت عنها مجموعة من المدارس، بدءاً بالمدرسة السنية، مدرسة المنار، التي أسسها تلميذه المباشر محمد عبده، وتابع بناء صرحها تلميذه محمد رشيد رضا. تلت ذلك المدرسة العلمية التي برز فيها تفسير الجواهر للطنطاوي. ثم المدرسة الدعوية التي سطع فيها نجم صاحب الظلال، والذي كان ممن دشن مدرسة التفسير الموضوعي الحديثة، وقد تزامنت معه جهود المدرسة البيانية الموضوعية، التي حمل لواءها أمين الخولي وتلميذته عائشة بنت الشاطئ بعده. غير أن المدرسة الموضوعية شهدت انتعاشاً منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي حيث ظهرت عشرات المؤلفات التي تتناول بالبيان موضوعات بعينها في القرآن الكريم.

3. هناك مؤلفات في علوم القرآن قد ظهرت بعد السيوطي ولكن بنحو مفرد كـ”لطائف الإشارات في علم القراءات” للقسطلاني (تـ 923هـ) و”فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن” للشيخ زكريا الأنصاري (تـ 926هـ).

4. من هذه الكتب، نذكر “في علوم القرآن” للدكتور أحمد حسن فرحات، و”الإيجاز والبيان في علوم القرآن“، للأستاذ محمد الصادق قمحاوي،  و”دراسات في علوم القرآن“، للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي، و”محاضرات في علوم القرآن“، للدكتور غانم قدوري، و”في تاريخ القرآن وعلومه“، للدكتور محمد الدسوقي وغيرهم.

5. منها: “مذكرات في علوم القرآن من كتاب منهج الفرقان“، للشيخ محمد علي سلامة،  و”مذكرات في علوم القرآن” للشيخ محمد أبو الخير زين العابدين، و”مذكرة في علوم القرآن” للشيخ أحمد أحمد علي، و”مذكرة في علوم القرآن” للدكتور محمد يوسف الشربجي، وغيرها كثير.

أرسل تعليق