Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

تعليق واحد

المستقبل للإسلام

      على الرغم من قناعة المسلمين بأن الإسلام هو الدين الخالد، المجرد عن حدود المكان والزمان، وأنه فوق ذلك عالمي وإنساني، تجاوز الأعراق والألوان والأجناس، التي من شأنها أن تكون السبب في شقاء الإنسانية.

      والإسلام هو الدين الذي يمنح التفسير السليم لهذا الكون، والخلق والحياة والمصير، فلا زلنا نسمع من بعض الأدعياء بأن الإسلام دين تاريخي، لا يمكن الاعتماد عليه لحل مشاكل الإنسانية الحائرة.

      ومما لاشك فيه بأن المستقبل لهذا الدين، رغم غوغائية النشاز المكابرين، فالناس يتجهون إليه بفطرتهم؛ لأنهم وجدوا فيه ما يقضي على بواعث القلق في النفوس، ويعتنقه أصحاب التخصصات العلمية النادرة، وهو الدين الذي يحل مشاكل الملونين، بل هو المنقذ الأول من براثن الجرائم والغرائز الجنسية الحيوانية والمخدرات.

وإذا وجد المسلم القدوة، الذي يتمثل الإسلام الصحيح بالوسطية والاعتدال، آنئذ يتبين عطاء الإسلام للبشرية، وفضله الكبير عليها، ويوم نبرز للناس القيم التي جاء بها الإسلام لتكون أساسا لسلوكنا ومنبع تفكيرنا، وضابط حركتنا، لنطبع الحضارة الإنسانية المعاصرة لهذه القيم لتضحى معايير للسلوك السوي في هذه الحضارة المادية الرعناء.

ويوم نستطيع التوفيق بين أصالة الإسلام، ومفهوم التطور الذي تتجدد خلاياه وانسجته باستمرار ومسايرة التطور الحضاري الإنساني، وعدم التخلف عن ركب الحياة المتقدمة، مع المحافظة على مميزات شخصيتنا الإسلامية، ولن يتأتى ذلك إلا بإعادة النظر في مستويات السلوك وأساليبه، ثم إيجاد الوسائل لتناسق القيم مع حركات التطور ومستوياته.

وأول ما يجب فعله هو أن نسلط الأضواء على الطريق، لنبين للناس وجه الحق الذي يدعو إليه الإسلام؛ لأن الإسلام حينما ظهر في شبه الجزيرة العربية لأول مرة، أحدث تغييرا جذريا، قلب موازين حياة الناس؛ ولأنه جاء برسالة متكاملة إلى مجتمع متخلف، فأحدث هزات عنيفة في الدين والفكر والسياسة والاقتصاد.

وضرورة دعم القيم التي أقرها الإسلام، بمقاييس أخلاقية، يقوم على أساسها التعارف الإنساني، الذي دعى إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” [سورة الحجرات، الآية:13].

      والإسلام اليوم بحاجة إلى متخصصين في كثير من أنواع العلم والمعرفة، ومزودين بثقافة إسلامية، ومؤهلين لحمل رسالة الإسلام، لخدمة الدعوة الإسلامية بما يناسب العصر الذي نحياه، يملكون القدرة لكشف وسائل التضليل والدعايات المغرضة، والرد عليها ودحضها بالحجة والبرهان.

      إنه من العيب المشين، أن يجهل طلبتنا طبيعة الإسلام، الذي أقام حضارة امتدت من الشرق إلى الغرب طوال أربعة عشر قرنا ونيفا من الزمان، والأمر يستلزم الوفاء الكامل في السعي إلى اكتساب المعرفة الإسلامية الصحيحة النقية، والحياة طبقا لذلك.

      ولابد من تكوين الشخصية الإسلامية المتوازنة، للتعبير الصادق عن قيم الإسلام الخالدة على ضوء ما استجد من متغيرات، والدعوة إلى فهم جديد؛ لأن الفكر الإسلامي هو بحر متصل المدى جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن يغترف منه المسلمون كلما تجددوا فيضيفون إليه أكثر فأكثر.

      والخبرات الإسلامية لابد من تدوينها ليستفيد منها الناس في الشرق والغرب، مسلمين وغير مسلمين، حتى نجنب الناس الفهم الخاطئ للإسلام، والشباب المسلم بالدرجة الأولى يتوقون إلى استعادة القيم الإسلامية، وأسلوب حياة لعصر إسلامي مجيد.

      ولنتجنب الخلل في نطاق العمل الإسلامي، علينا أن نبتعد عن النزعة العاطفية التي تسيطر على القرارات، وتحكم كثيرا من التصرفات اللامسؤولة، وديدننا في ذلك العقل والحكمة والتدبر؛ لأن الانفعالات لا تدع مجالا للمنطق.

      والحياة تحتاج إلى خبراء يسوسون الناس بالرحمة والعدل، وقمع غرائز التنطع والحيف، لإقامة إنسانية توقر الله، وتمشي على الأرض وفق هداه، حتى لا يذل مظلوم أو يشقى محروم.

      والصراط المستقيم في الإسلام هو النقل والعقل، لتقديم حلول إسلامية للمشكلات المحدثة والأزمات الطارئة، مع إبعاد المخالفات البالية، وشحن المجتمع الإسلامي برجال ونساء لهم عقول ناضرة تعرف ما يقدم الإسلام وما يحتاج الناس إليه، وإلا تدحرجت الإنسانية إلى عالم الفناء والتلاشي.

      وعلى الأمة الإسلامية أن تراجع تاريخها، وأن تحسن استثماره، فالعالم يتقدم ويتطور وبسرعة مجنونة وليس للمسلمين بُدٌ من مسايرة مستجداته والإفادة من متغيراته والتسلح بأخلاق أساسها الشعور بالواجب والقربى إلى الله بقيم الخير والجمال، لحماية الأفراد وأمن المجتمع وبما يدفع إلى الرقي.

والله الموفق.

التعليقات

  1. حماني

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كلمات توقظ الضمائر وتشحذ الهمم، وهل حدث التغيير والترشيد للسلوك من لدن سيد الخلق عليه السلام أولا إلا بالكلمة الطيبة!

    فالله أسأل أن يهيئ لدرركم الآذان الصاغية والقلوب الواعية.
    وبارك الله في علمكم
    والسلام عليكم وعلى عباد الله الصالحين

أرسل تعليق