Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

المراهقة بين “الأنا” وسلطة الوالدية

الإنسان-في نموه- يمر بمراحل عمرية متفاوتة حدة وليونة أشدها حرجا، وأكثرها تعقيدا مرحلة المراهقة، لما يصاحبها من تغيرات فيزيولوجية ونفسية مذهلة تخلق متاعب كثيرة للمربين سواء داخل الأسرة أو خارجها وتتفاقم تلك المتاعب وتشتد كلما غاب الوعي بخصائص هذه المرحلة لدى المربي عامة والأسرة خاصة، سأحاول مقاربة هذا الموضوع،  بعون الله من خلال الأسئلة الآتية :

1.    ما مفهوم المراهقة وما مراحلها؟
2.    ما هي خصائصها الجسدية والنفسية…؟
3.    ما أبرز مشكلاتها السلوكية؟
4.    ثم ما هي النظرية الإسلامية لعلاج المشكلات السلوكية للمراهقة؟

1.   مفهوم المراهقة: بالرجوع إلى المعاجم اللغوية فإن أصل المراهقة من مادة “راهق” التي تعني الاقتراب من الشيء، وراهق الغلام فهو مراهق أي قارب الاحتلام والنضج، أما المراهقة في علم النفس فتحمل نفس الدلالة، أي الاقتراب وبشكل تدريجي من “النضج الجسمي والنفسي والاجتماعي”، ومدتها تختلف طولا وقصرا تبعا لاختلاف طبيعة المجتمعات وجغرافيتها ومناخها، لكن علماء النفس قسموها إلى ثلاث مراحل :

1. مرحلة المراهقة الأولى (11-14عاما) والتي تتميز بسرعة التغيرات البيولوجية؛
2. المرحلة الثانية (14- 18 عاما) وتتميز- في الغالب- باكتمال تلك التغيرات؛
3. مرحلة المراهقة المتأخرة (18-21عاما) وفيها يصل الشاب إلى مرحلة النضج والرشد والاقتراب من اكتمال أهلية التصرف، وبذلك فإن المراهقة بمراحلها الثلاث قد تستغرق أكثر من عشر سنوات، وهذا مؤشر مهم على خطورة المرحلة، ومنبه قوي إلى الإعداد اللازم لها، واليقظة التامة من الآباء والأمهات لمواجهتها.

2. خصائص المراهقة :

تتميز مرحلة المراهقة بالانتقال– تدريجيا –من مرحلة تتصف بالاعتمادية نحو مرحلة تتصف بالاستقلالية، استعدادا للعب دور رئيسي في المجتمع، ومن ثم يمكن استعراض ملامح النمو في مرحلة المراهقة من خلال التقسيم الآتي :

• النمو الجسمي: إن جسد المراهق يواجه -غالبا- عملية تحول شاملة وعلى مستويات عدة: في وزنه وحجمه وشكله، حيث تبدأ ملامح الرجولة تبرز بشكل لافت للنظر، ويزيدها وضوحا تعبيراته الشفوية والسلوكية عن قدرته الخارقة التي يستطيع بها مواجهة كل التحديات حتى ولو في مجال الأعمال البطولية التي لم يسبق إليها.

• التغير الانفعالي:  إن المراهقة مرحلة للتفاعلات والتغيرات على أكثر من مستوى، ولا يقتصر الأمر على الناحية الجسدية وإن اعتاد الناس ألا ينظروا إلا إلى هذه، بل تتعداها إلى النفسية/ الانفعالية، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال تعبير المراهق عن الغضب بالانفعالات الشديدة من الثورة والتراشق اللفظي، والاستعراض الجسدي، والهيجان وقوة التحدي إلى المصادمة المباشرة، وكذا في حالة الفرح، فهو لا يعرف الوسطية والاتزان في الانفعال، فإذا أحب فإنه يحب حبا شديدا، وإذا كره يكره كرها شديدا، فهو مسرف في أحلام اليقظة، وجانح إلى الخيال، ميال إلى المغامرة، ومتعلق بالنجوم الاجتماعية كنجوم الرياضة، وتستولي على مشاعره ويحب ويعادي من أجلها …

ومن أبرز ملامح الانفعالات لدى المراهق [1]   “الأنا” والذاتية والاعتداد بالذات، بحيث يبالغ في الإعجاب بشخصه لدرجة الغرور والإغراق في العناية الزائدة بشكله وهندامه وشعره، نتيجة ما يشعر به من الاكتمال والتمام، لديه حساسية مرهفة لنقد الآخرين، وفي المقابل لا يتحمل هو انتقاداتهم، بل يتألم ويتوجع لذلك، ويعتبرها خسارة ومخيبة للأمل فيما كان يعتقده عن رأي الآخرين فيه، فبدلا من ذكر محاسنه ومزاياه إذا بهم يغرقونه بانتقاداتهم وملاحظاتهم، وقد تؤدي به تلك … إلى الإحباط ومن ثم العزلة والانطوائية، وهي الظاهرة البارزة في أوساط شبابنا، والتي تخلق المتاعب للمربي سواء في فضاء الأسرة أو المدرسة أو غيرهما، ما يستدعي تدخلا مكثفا من كل الأطراف للإسهام ولو بمقدار في الحفاظ على صحة أبنائنا النفسية والارتقاء بها نحو السواء .

• النمو الاجتماعي: تسهم تغيرات المراهق النفسية والانفعالية بشكل كبير في اختيار أنماط حياته الاجتماعية، فمن منطلق العجب بالنفس والاعتداد بها، تجده يزهد في التأسي بالكبار، ويرفض سلطتهم ظاهرا وباطنا، وفي نفس الوقت لديه تعطش مفرط للانتماء إلى مجوعة أخرى تشاركه مشاعره وتعيش مرحلته وهمومه،  يبث إليها آماله وآلامه، وتغني أحاسيسه وتلبي مطالبه، وتعمل على إشباعها ولو كان هذا الإشباع على حساب قيم المجتمع وأخلاقه ما دام يعبر عن الوفاء للصداقة والأصدقاء، إذ الوفاء للمجموعة مطلب حيوي، ومقدم على كل شيء، ومن ثم تجده نزاعا إلى مجتمع الأقران والرفاق ليتخذهم مرجعا وقدوة يستقي منهم النموذج الأمثل لنمط حياته، سواء في اختيار شكل ولون اللباس، أو تصفيف للشعر، أو تحديد لنوع الهوايات والميولات، وتوحيد حتى لغة التخاطب بينهم، فيشبعونها رمزية، خاصة بمجتمعهم الصغير .

3- مشكلات المراهقة: تعتبر هذه المرحلة من أصعب المراحل التي يمر منها نمو الإنسان، وذلك لما يصاحبها من مشكلات يصعب حتى فهمها لدى كثير من الآباء والأمهات، فبالأحرى التصدي لعلاجها، ومنها:

– الصراع الداخلي:  يعاني المراهق شديد المعاناة من تعدد الصراعات الداخلية لعل أبرزها: صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، إذ الاعتماد عليها كليا يؤدي – حتما في نظره – إلى فقدان شخصيته ورجولته، والتمرد عنها أيضا سيوقعه في الحرمان مما تمده به من حاجات ضرورية لحياته قد لا يستطيع توفيرها ذاتيا في مرحلة معينة، وفي المقابل تتدخل الأسرة خاصة الأبوان بسلطتهما لمنع ابنهما المراهق من الانفلات من عقالها، وتحاول – جاهدة – أن تضرب عليه حصارها المعنوي وبقوة،  تحت ضغط هواجس منها :

–  الخوف الزائد على الأبناء من الأقران (غريزة أبوية) خاصة بعد شيوع ظواهر الجنوح إلى تعاطي عادات سيئة ومدمرة لطاقات الشباب،  وأيضا بدعوى أنهم،  مهما اشتد عودهم، فهم لا يميزون بين الخطأ والصواب.

وهناك صراعات أخرى كصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين غرائزه وبين المتواضع عليه اجتماعيا، ولا تقبله تقاليده وأعرافه، وصراع الديني بين ما تعلمه – في الصغر من مبادئ الدين ومسلماته –  وبين فلسفته، حاليا، للحياة، وصراعه الثقافي بين الأجيال، بين جيله الذي يعيش فيه وبين الجيل السابق،  كل هذه الصراعات تعتلج في صدر المراهق دون أن تجد تفهما من الأبوين، بل ربما تجد إفراطا في استعمال السلطة الوالدية لفرض الأمر الواقع، وهو ما يؤدي إلى التمرد فالتشرد فالضياع .

العناد والعدوانية: استحضارا للخصائص السابقة الذكر فإن المراهق يحاول تثبيت ذاته ولو كان على خطإ واضح، وذلك بالانسلاخ عن كل الثوابت ورغبات الوالدين سيما إذا لجآ إلى فرضها بالقوة فينتصب شديد الرفض لسلطة الأبوين، تأكيدا لقدراته، وإثباتا لشخصه، وقد يترجم حمولته التصورية وانفعالاته المتلجلجة إلى سلوكات عدوانية .
الخجل والانطوائية:
  أثبتت الدراسات النفسية أن كلا من قسوة الآباء الزائدة على أبنائهم، وتدليلهم الزائد أيضا، يؤدي إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في مواجهة مشكلاته التي تحفل بها الحياة، في حين أن طبيعة المرحلة تتطلب منه الاعتماد على النفس فيزداد الصراع بداخله ويلجأ إلى العزلة والانطواء.[2]

خلاصــــــات: اتضح من خلال بسط وتحليل أهم خصائص المراهقة ومشكلاتها ما يأتي:

–    إن المراهقة مرحلة عمرية شديد ة الحرج، ليس-فقط- بالنسبة للمراهقين وحدهم، بل للمباشرين لتربيتهم وكذا بالنسبة للمحيط الاجتماعي كله .

–    الوعي بطبيعة المرحلة، ومعرفة خصائصها ومشكلاتها ثم إحسان التعاطي معها، فريضة شرعية، وضرورة عقلية واجتماعية، للحفاظ على أنفس رصيد تملكه الأمم ألا وهو الشباب.

–    جميع الوكالات التربوية من الأسرة والمدرسة والمجتمع والإعلام و… تتحمل مسؤولية كبرى في كل الظواهر السيئة التي يعاني منها شبابنا؛ لأنها تملك القدرة على الفهم أولا، ثم التوجيه نحو المسارات الصحيحة والإيجابية ثانيا .

                                                                    والله من وراء القصد… يتبع

————-

1.   من الجنسين.
2.     أفكار مقتبسة من أبحاث ودراسات لعدد من الخبراء والباحثين.

التعليقات

  1. بنعبد المالك مبارك

    1. النضج: يقتضي منا هذا المبدأ على المستوى العملي، أن نتعامل مع الطفل على قدر طاقته وجهده وقدراته العقلية؛
    2. التدرج: يقتضي منا هذا المبدأ على المستوى العملي، أن تكون تربيتنا لهذا الطفل والمراهق تربية متدرجة (التدرج مع المراهق في المرحلة الانتقالية التي يمر منها من صورة الطفل إلى صورة الرجل الراشد لكي يتقبل ويقبل على هذه المرحلة – المراهقة – بشكل تلقائي؛
    3. موضوع التعلم: يقتضي منا هذا المبدأ أن نختار للطفل في مراحل نموه الأولى كل ما من شأنه تغذية الرغبة في التعلم، وكل ما يجعل الطفل يقبل على التعلم بكل رغبة واختيار؛
    4. الوضعية التعليمية والسياق: يقتضي منا هذا المبدأ توظيف واستغلال كل أنواع وصيغ الوضعيات التعليمية_تلقائية، منظمة_ حتى لو كانت حرجة، فالطفل بحكم صغر سنه لا يجد أي حرج في أن يمشي عاريا أمام الناس أو يتلفظ ببعض الكلمات النابية التي علقت في ذهنه أو سمعها من جماعة الأقران، وغالبا ما يكون تعليق الآباء على هذا السلوك بما يلي: _خليه باقي ما عارف والو. باقي صغير فهذه الوضعية وهذا المقام أنسب وقت لتمرير القيم الأخلاقية الايجابية للطفل وتصحيحها، وتصحيح تمثلاته وتصوراته للأمور؛
    5. التفاعل: يقتضي منا هذا المبدأ أن نبحث دائما عن كل ما من شأنه تحقيق وخلق التفاعل والجو الايجابي مع الطفل وبناء الثقة المتبادلة معه في مختلف مراحل نموه.

  2. بنعبد المالك مبارك

    الحمد لله الذي خلقا الإنسان أطوارا، وأنعم عليه بنعمه السوابغ مدرارا؛
    والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أعلى للحق منارا.
    بداية أتقدم بجزيل الشكر وموفور الثناء لأستاذنا الفاضل على مساهماته وكتاباته القيمة التي دأب على تنويرنا بها، والتي تعكس الهم التربوي والغيرة المشروعة على أبناء هذه الأمة فقبل تفصيل الحديث عن بعض الحلول والاقتراحات العملية التي من شأنها المساهمة في فهم وحل بعض مشاكل المراهقة، يحسن بنا قبل ذلك أن نشير إلى مسألة أساسية تتمثل في ما يلي:
    ما دامت المراهقة تعد أهم مراحل النمو والتنشئة الاجتماعية التي يمر منها الفرد، وأكثرها تعقيدا وحرجا بالنسبة للمراهق وبالنسبة للأطراف التي تتفاعل معه، الآباء على مستوى الأسرة، والمدرسين على مستوى المدرسة، والأقران على مستوى فضاء اللعب أو الشارع، فهذا يقتضي منا أن نعنى بدراسة الأسباب قبل النتائج، فالعدوان والانحراف والانطوائية كلها نتائج لأسباب استضمرها المراهق في مراحل نموه الأولى (الطفولة).
    فالمراهقة المضطربة التي يعيشها المراهق ماهي إلا نتيجة لطفولة مضطربة عاشها ومر منها في مرحلة الطفولة الأولى؛ لأن البناء النفسي والعقلي للإنسان بناء متسلسل ومترابط الحلقات، كل مرحلة تؤثر على التي تليها وهكذا.
    صحيح أن كل مرحلة عمرية تقتضي نوعا خاصا من التعامل ونوعا من الصور التي نكونها على من عهد إلينا أمر تربيته وتكوينه (أبناؤنا وتلامذتنا)، إلا أن هناك بعض العوامل نعايشها مع الأبناء في كل مراحل النمو (مرحلة الطفولة الأولى- مرحلة الطفولة الثانية- مرحلة المراهقة) لكننا- للأسف – لا نحسن التوسل بها واستغلالها وتوظيفها في التعليم والتعلم، هذه العوامل كما يسميها علماء النفس هي عوامل التعلم؛
    النضج – التدرج – الدافعية -موضوع التعلم – الوضعية التعليمية أو السياق – التفاعل:

  3. محمد بكرلي

    إنه لموضوع في غاية الأهمية؛ لأن شباب الأمة هم رجالها في المستقبل، ولا بد ويلزم أن نعلمهم ونبث فيهم كل شيء يدفعهم إلى القوة والأخلاق الفاضلة والعلم الذي يعود لأمن وقوة الأمة، ولا يجب أن نتركهم لأهوائهم ولا لأعدائنا يمروحون بهم نحو هاوية الرذائل تحت مسميات تجميلية مختلفة…
    فلنشغلهم بكل ما يفيد، ويشعرهم برجولتهم ومسؤوليتهم وانتمائهم وإنتاجهم حتى لا يشغلونا بما يضروهم ويضعفنا ويزيد من وهن مجتمعنا وتأخر نهضتنا الإنسانية وعلى أهل الفكر والعلم أن يضعوا الأصول في طرق وأساليب التوجيه والتربية والتعليم الذي يجعل شباب أمتنا ينهلون على تعلمه والتمسك به والشعور بعظمتهم وقيمهم ورجولتهم في إطار قيمنا ومنارتنا الإنسانية.

  4. علي الأصبحي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أشكر الأخ رشيد على حسن اهتمامه ومتابعته لما ينشر في جريدة ميثاق الرابطة، وعلى حرصه ورغبته في تمحيص الحقائق وفتح النقاش حولها… لكن القول بأن الإسلام لا يعترف بمرحلة وسطى (المراهقة) أي بين الطفولة والرشد، استنادا إلى بعض المواقف النبوية من (بعض) الصحابة رضوان الله عليهم، فيه شيء من المبالغة؛ لأن قرار الرسول (ص) بتأمير أسامة بن زيد وغيره على جيش أو جيوش لم يكن لاعتبار السن وحدها، وإنما لاعتبارات ترجع إلى صفات الكمال الواجب توافرها في القائد من صفات معنوية: مثل رجاحة العقل، ورباطة الجأش، وتقوى الله… بالإضافة إلى الصفات المادية، وإلا فكيف نفسر رفض الرسول (ص) -في مواقف أخرى – عرض الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن يستعمله (أن يوليه إمارة المسلمين) وهو في سن الرشد والنضج، فقال له: (يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة…) والحديث في صحيح مسلم،
    وهذا دليل قوي على أن الاصطفاء لمسؤوليات من قبيل الإمارة العظمى، وإمارة االجيوش ليس لعامل السن وحده، وإنما لمؤهلات أخرى متكاملة ومتوازنة من شأنها أن تحفظ أمانات الأمة وتحمي بيضتها وترفع رايتها.
    وتلك المؤهلات والصفات قد تكون قوية في شخص هو في سن ما قبل الرشد القانوني، وقد تفقد في شخص راشد سنا، وهذا دليل أيضا على أن ما يسمى بالمراهقة ليست كلها حماقات وعواطف مدمرة، كما أن (الرشد) ليس كله عقلا راجحا وسلوكا سويا، فالأمر نسبي، وما تقسيمات علماء النفس لعمر الإنسان إلى مراحل إلا تقسيم منهجي لتحديد الخصائص الغالبة على كل مرحلة لنعتها بنعوت معينة تمييزا لها عن غيرها لكن على أساس القاعدة لا على أساس الاستثناء.
    وشكرا مرة أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  5. ليلى ياسر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    نشكر الكاتب على اختياره هذا الموضوع الهام؛
    فالمراهقة من أكثر المراحل العمرية صعوبة .
    أريد أن أنبه إلى ظاهرة أصبحث مثيرة للانتباه في عصرنا هو أن المراهقة أصبحث أكثر صعوبة لدى الفتاة أكثر من الفتى، ولعل السبب هي وسائل الاعلام التي تثير الفتاة وتخاطب فيها الغريزة أكثر من العقل.
    نطلب من الكاتب اقتراح طرق للتعامل مع المراهق خاصة الفتاة باعتماد المرجعية الاسلامية.

  6. نورالدين طالبي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    نشكر الأستاذ المحترم على مجهوداته العلمية وبحوثه القيمة
    بالنسبة للموضوع المختار، فقد قام الأستاذ بطرح مجموعة من الاكراهات والصعوبات التي تعرفها مرحلة المراهقة،
    فقد أحاط الأستاذ الفاضل بها من جميع الجوانب، وفعلا كلنا يلاحظ تأثيرات هذه المشاكل على شباب الأمة؛ فالخجل مثلا يفقد ثقة المراهق في نفسه، وفي المحيطين به، ويؤثر في مستوى تحصيله.
    لكن السؤال المطروح هو هل اضطرابات مرحلة المراهقة يعاني منها جميع الشباب بنفس الحدة، أم أنها معطى ثقافي متغير بتغير المجتمع والوسط كما أشار إلى ذلك الأخ رشيد.
    سؤال يطرح نفسه بشدة:
    هل ما أصبح يعرف الآن بالمراهقة المتأخرة التي يعاني منها حتى الشيوخ، هو نتيجة حتمية للاختلال الذي لم يعالج أثناء فترة المراهقة؟؟

  7. رشيد ففاس - تتمة

    أما الإسلام فلا يعترف بمرحلة وسطى بين الطفولة والرشد وإذا بحثنا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نجده قد عامل أبناء الخامسة عشر معاملة الرجال في أهم شؤون حياة الصحابة ألا وهو الجهاد، وملاقاة العدو فقد أجاز– يوم أحد – سمرة بن جندب، ورافع بن خديج، وهما ابنا خمس عشرة سنة، وردّ أسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وعمرو بن حزم، وأسيد بن ظهير، ثم أجازهم يوم الخندق وهم أبناء خمس عشرة سنة.
    وتعتبر الشريعة الإسلامية البالغ رجلاً راشداً في سائر التكاليف الشرعية، وفي إقامة الحدود كذلك، وفي تولي المسؤوليات، فمن المتواتر والمشهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّر أسامة بن زيد رضي الله عنهما على جيش لمحاربة الروم، وعمره يتراوح بين السادسة عشر والثامنة عشر .
    وفي الختام أريد من الكاتب في مساهمته اللاحقة وقد وعد بالعودة لطرق أبواب هذا الموضوع. وبعد أن استقصى مظاهر القلق والاضطراب عند المراهق. أن يوضح لنا كيف يمكننا التغلب على هذه المشاكل بالاهتداء بالوحي والتراث الحضاري للأسلاف خاصة أننا نعيش في مجتمع بروح إسلامية متكيفة مع إكراهات الواقع. مجتمع في معاملاته الاقتصادية وعلاقاته الاجتماعية طعم العولمة ونكهة الخصوصية المحلية.

  8. رشيد ففاس

    بسم الله الرحمن الرحيم
    بداية شكر الله لأستاذنا الفاضل مواظبته على إفادتنا وإنارة طريقنا في دروب القضايا التربوية الشائكة، مستنيرا بكلام الخالق وبهدي خير الخلق.
    كما نشكره على حديثه عن موضوع المراهقة الذي نحتاج حقيقة لمعرفة موقفه وهو الخبير والممارس التربوي. خاصة وقد تعدد الكتابات التي عالجت مشكلة المراهقة، واختلفت آراء الباحتين في الموضوع باختلاف اتجاهاتهم الفلسفية ومستنداتهم النظرية.
    وإجمالا يمكن اختصار تلك الإسهامات في اتجاهين:
    الأول: يقول بمبدإ الحتمية البيولوجية ويستند إلى تفسيرات مدرسة التحليل النفسي ويرى بأن المراهقة هي مرحلة عواصف (ستانلي هول: المراهقين كلهم مرضى يحتاجون إلى المعالجة) بل يذهب البعض إلى اعتبارها مرحلة جنون (ستاندريس). لما ينتج عن النمو الجسمي والانفعالي للمراهق من اضطرابات شديدة فصل الأستاذ الحديث عنها. (وكأنه يميل الى هذا التيار ويرتاح لهذه القراءة). ويستند هذا الرأي إلى إحدى الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تم القيام بأكبر مسح لأمراض المراهقين من طرف روزن وزملاؤه سنة 1962 الذين قاموا بتجميع الجداول المعدة في الولايات المتحدة للمرضى من سن (10 إلى 19)، من (788) عيادة نفسية، وثبت أنه من بين حوالي (54.000) مراهق شملهم المسح، (3٪) فقط اعتبروا بدون اضطراب عقلي، و(20٪) آخرين لم يشخصوا لأسباب غير مذكورة، و(77٪) مراهقين مرضى ). وتعني هذه الدراسة أن الغالبية العظمى للمراهقين مرضى نفسيين، ودخلوا العيادات النفسية.
    لكن بالمقابل يعتبر التيار الثاني مشاكل المراهقة في جانبها الانفعالي مسألة ثقافية أكثر منها حتمية ملازمة لمراحل تطور الانسان. إذ من الممكن تجاوزها. ولاحظ أصحاب هذا الموقف أن شباب العالم في الدول الصناعية يعانون بحدة أكبر من أقرانهم في المجتمعات الأقل تصنيعا بل وتختفي عند أبناء بعض القبائل البدائية. وأبناء الحاضرة يعانون أكثر من شباب الوسط الزراعي الريفي. أو بتعبير آخر إذا غابت شروط موضوعية وظروف معينة سواء عند الطفل المراهق او الراشد حصل الاضطراب .
    وقد بنى هذا التيار موقفه بالاعتماد على أبحاث الانثربولوجيين خاصة أبحاث روت بينديكت ومارغريت ميد عن القبائل البدائية و كذا دراسات ليفي ستراوس.
    حيث لاحظوا أن المراهق خارج المجتمعات الصناعية المعقدة يعيش نموا انسيابيا ومرورا سلسلا من الطفولة إلى الشباب دون المرور بمشاكل المراهقة المعروفة في المجتمع الأمريكي. ومن بين الأسباب المؤدية إلى ذلك إطالة الفترة الفاصلة بين البلوغ وسن الزواج. في المجتمعات الصناعية أي إطالة السن التي يتم فيها الاعتماد على الأسرة. وعدم تخصيص أعمال منتجة للطفل يشعر فيها بأهميته وحاجة الاخرين لخدماته ويعد بها نفسه لولوج عالم الكبار.أما في المجتمع الرعوي أو الزراعي يمارس الصغار أنشطة لا تختلف كثيرا عما يفعله آباؤهم و امهاتهم؛ لأنها في الغالب لا تحتاج إلى تأهيل مهني. فيحصل تكامل و تناغم في الأنشطة بين عالمين متجاورين متكاملين. ويكتسب الأطفال الثقة في النفس والمكانة الاجتماعية وحس تحمل المسؤولية. ويتزوجون في سن مبكر فيحققون الباءة ويتجنبون القلق والاضطراب.

  9. مهتم

    شكرا على المعلومات القيمة التي أثريتم بها هذا الموضوع أيها الأستاذ الكريم

    إذ أن انفتاح المراهق على وسطه الاجتماعي بشكل

    مكثف في هذه المرحلة تجعله بالفعل ينشغل بقضايا مجتمعه

    ويفكر في إيجاد حلول أو تقديم بدائل لمعالجة معضلات اجتماعية

    عقيمة مما يخلق لديه إحساسا متدفقا بالمسؤولية تجاه من هم

    في أمس الحاجة إلى اهتمامه ويمكن في هذا الإطار نهج عدة

    طرائق لجعل الشباب ينخرطون في الفضاء الجمعوي والإفصاح

    عن ذواتهم ومواهبهم عبر الفن أيضا لنخلق منهم شبابا فاعلين

    في المجتمع بدل إهدار الوقت في ما لا يفيد.

  10. نوال الزاكي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    موضوع مهم جدا أسناذنا الكريم خصوصا لما نراه الآن من مشاكل أسرية وشكوى بعض الآباء من تصرفات أبناءهم في سن المراهقة، بل يعتبرون أن من غير المنطقي ان يتغير الابن إلا جسمانيا أما نفسيا فلا، بالنسبة للبعض يعتبر التقلبات المزاجية للمراهق هي أمراض أو تمرد أو انحلال، يسارع الى معالجته بالقمع والضرب والرقابة المشددة.
    نعم جميل أن يعيش الابن في فضاء مراقب حتى يطمئن الآباء على سيرورة حياة أبناءهم، لكن الرقابة الشديدة وإحساس المراهق أنه يسكن سجنا وسجانيه هما والداه فهذا يخلق عدم التوازن في العلاقة ابن-والد.
    يجب أن يعرف الآباء أن المراهق يتمرد أو يعاند أوامرهم لأنه ببساطة يعتبرها "أوامر"، بحيث أننا نجد الكثير من المراهقين يعيشون حياتهم طبيعية عندما يجدان والدان يحلان مشاكلهما معه عن طريق أسلوب الصديق وكشف الأسرار، مما يجعل الابن يبادر بطلب المساعدة من الوالدين بدل البحث خارج البيت، أو الانطواء على نفسه مما يولد عواقب نفسية ممكن ترافق الابن حتى في مراحل متقدمة من عمره.
    موضوع جدير بالنقاش.

أرسل تعليق