Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الشباب يؤسس لمباهج العيش السعيد مع الآخر…(2)

والإنجاز الحق هو معيار الأسر المجددة لمضامين الحياة الراقية، تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح، بما يتفاعل وشخصية كل فرد من أفراد الأسرة ويوفر للمجتمع النمو والتفتح من داخله، فيأتي إنتاجه خصبا عميقا، وبناء حضارة إسلامية إنسانية لا شرقية ولا غربية، تردد معها الأجيال المستقبلية بأصوات عالية آراء نابعة من تربة الإسلام، تحقق معادلة بناء مجتمع عصري يحفظ للأمة خصوصيتها وهويتها، ويقوي مسرح الحياة العامة ويخفف من أعباء الأمة وأثقالها، ويقوي نبض الحياة في شرايينها، أما عالمنا الذي نريد أن نحياه، فهو عالم الضوء الذي بداخله تنضج المدارك وتتفتح العقول الإنسانية وبما يقود إلى اكتشاف أسرار الحياة بما هو أغزر وأعمق، وصدق الله العظيم إذ يقول: “سنريهم ءَاياتنا في الاَفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد  [فصلت، 52].

وبالمقابل فالتحليل الواعي المدرك به يجد المسلم في الإسلام ما لم يجده في غيره، مما يهز أعماقه؛ لأنه يحتوي على نظام كامل للحياة، وكل شيء فيه واضح وبسيط ومفهوم، لذاك فالمسلم الذي ينشأ في أسرة سعيدة من ذلك الطراز المعتدل الفائق التي تبث القدوة في بنيها وبناتها، ومن خلالهم ينتقل هذا الخير إلى أسر الآخر، لينتشر في طول الأرض وعرضها، يعرض على الإنسانية ما في الإسلام من نور وروحانية تنتقل بها مما يسخط الله إلى ما يرضيه.

والداء العضال هو الوباء العاصف الجارف في هذا القرن ما يسميه الآخر بالعولمة الهالكة للحرث والنسل، ولن يوضع حد لهذا الفكر إلا الإسلام الذي جاء يدل الإنسانية الحائرة على أسرار الحياة؛ لأن مستقبل الإسلام هو الراجح الفائز، وإن مستقبل العولمة ليس إلى الاكتساح وإن كان إلى الأنانية والطغيان، والإسلام خير من يعيد الناس إلى الطريق من جديد إلى الإيمان بالله تعالى، وإلى القيم الإنسانية في عالم الإنسان، وفوق هذا ما كان للإنسان أن يدرك الأشياء كما أرادها مدبرها في كل مضامينها ومعانيها، وفي كل أهدافها وغاياتها وفي كل عطاءاتها ونتائجها إلا بفضل الإسلام مع تعاقب الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.

الشباب يؤسس لمباهج العيش السعيد مع الآخر…(2)

وبقدر حب الأجيال الصاعدة واللاحقة للإسلام يكون فرحهم بإنسانيتهم وتميزها على سائر مخلوقات الله، والسعيد من وفقه الله عز وجل لهداية البشرية، وليس أنجح في ذلك من ركوب صهوة الصدق في الدعوة والتسلح بالطاعة، وهذا هو الطريق الذي يمكن صاحبه من امتلاك ناصية العلم النافع، حتى يرقى إلى التقوى التي تثمر لصاحبها الخشية، ومما لا شك فيه أن التقوى هي سبيل العلم المثمر قال تعالى: “واتقوا الله ويعلمكم الله” [البقرة، 281]  ولقول الشاعر:

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على       الهـــــدى لمـــن اســـتهدى أدلاء

والأسرة المسلمة مؤتمنة على حرمة الإنسان بقدر ما كرمه الله عز وجل وجعله مستخلفا في الأرض، وليعرف الناس العجائب الكامنة فيهم، والمدقق في النظر في الإسلام يجد الإنسانية من خلاله جسدا واحدا؛ لأن الإسلام دين الجماعة الإنسانية من غير إنكار ما يميز بعضهم من بعض من تمايز مؤسس على الكفاءة والجهد، قال تعالى: إن أكرمكم عند الله أتقاكم” [الحجرات، 13].

والأمة في الإسلام دفء الأمومة وعطف الأبوة وكرامة الأخوة، والإسلام في الأحداق تضم على الأجفان حبا لذلك قال الشاعر:

ومتى عظم الأمة بنوها       أنزلتــهم منازل الإجلال

والإسلام نبع حيوي لا يجف يسقي الإنسانية من معينه الذي لا ينضب يكفي أن يشار للشباب كجوهر خلاصة وارتشاف ورصافة قوية البنيان، عناصر أساسية تطالعنا في زمن كئيب يضفي على الإنسانية جمالا وبهاء لتأكيد تواجده بين أترابه، لم تحله بينه وبين رحابة الاتساع هموم عصره وشواغل زمانه وتقلب أحواله، يصطفي أقرانه من صفوة الشباب الآخر بلمساته الهادئة واثقا بما يقول ويفعل، يستروح نسائم عصره يعرف كيف ينتسب إلى سابقيه، ويفسح طريق الإبداع أمام تابعيه.

شباب مناضل بعلمه وقلمه وساعده، يعمل بدون كلل ولا ملل من أجل النهوض بالإنسانية الجريحة، وبكل ما يملك من إرادة الشباب الجسور المجاهد المؤمن الصادق على المدى البعيد، وفي أحلك الظروف وأقصاها عن طريق تكوين الرجال وإعداد القادة صناع الحضارة، وإحداث تغيير يقوم على أساس مجموعة من الدعائم، هي في الحقيقة والواقع دعائم كل نهضة إنسانية اجتماعية، تنشد التقدم والتطور في تاريخ الإنسان المعاصر، وانسجام وتمشيا مع الإخلاص والغيرة على العروبة والإسلام، ووفاء للخط العام الذي كرس له حياته وهو المحافظة على التعارف والتآخي الإنساني ولأنه شباب تربطه أمشاج من الماضي والحاضر لبناء مستقبل خاص، والمحافظة على شرف أمته وسمعتها، إذ لا شرف لمن لا يحافظ على شرف وطنه ومواطنيه، ولا سمعة لمن لا سمعة لقومه ودينه.

وفي هذه الأجواء يقتحم الشباب مشكلات الحياة ساعيا إلى تبديد ظلماتها، وتغيير ما يستطيع من ظروفها بحركة وذكاء حاد، وإرادة صلبة وطموح لا يقف عند حد من الحدود بالانفتاح والحس الإنساني المشترك، وبالتالي الدخول إلى كنه الحياة المتعاونة من غير إضاعة للجهد والوقت لنسعد نحن والآخر بثمار منجزات العصر، وتمهيد الطريق ليعيش الجميع نحن والآخر في رحاب حياة واسعة في عالمية إنسانية جديدة

أرسل تعليق