Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأسوة آلية فعالة من آليات التخليق.. (5)

إن في كتاب الله كما في سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم البنيات الوافرة على السُّلَط والمراكز والأدوار والتدبيرات والوظائف والعلائق والنماذج والأخلاق والقيم التي ينبغي أن تَشْخَص في المجتمع الشاهد؛ في حالة السراء وفي حالة الضراء، في حالة الشدة وفي حالة الرخاء، في حالة السلم وفي حالة الخوف وكذا الحرب واللأواء، مما ليس ينتظر إلا العقول المتمرسة الخبيرة لطرح الأسئلة المنهجية من أجل رفع صرح علم التأسي على الصعيد الاجتماعي.

وما أروع الصورة المشرقة التي يعرضها كتاب الله لمجتمع المدينة الشاهد وهو بعد في طور التكوين في مثل قوله تعالى من سورة الحشر “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالاِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُوثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اَغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ” [الحشر، 9-10]. وفي سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والفرقان والطلاق والمجادلة وغيرها غرر بهذا الصدد لا تنتظر إلا التجلية المتجددة. ولعل تنبه الإمام مالك بن أنس الأصبحي رضي الله عنه إلى هذه الحقيقة بشكل عام كان وراء افتراعه لأصل من أصول مذهبه المبارك، حيث جعل “عمل أهل المدينة” أصلا من أصول التشريع لما تضمنه هذا المجتمع الشاهد من هاديات لن تتكشَّف كل حقائقها إلا عبر الزمن. كما علم أهل المدينة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتنبُّهِه إلى أهمية حفظ هذه الوحدة القياسية الاجتماعية في مرحلة التكوين حتى تثبت أركانها، كان قد نهى الصحابة رضوان الله عليهم عن مغادرة المدينة المنورة حتى يستتبّ البناء وتُحفظ الشهادة، فلم يتمكنوا من مغادرتها إلا بعد وفاته رضي الله عنه..

أرسل تعليق