وعاء الخير للمسلمات في الأخلاق والعبادات…(4)
كما أوجب الإسلام الطهارة والنظافة في ما ذكر سالفا، كذلك أوجبها من الطعام وأمرنا أن يتخلص الإنسان من بقايا طعامه ورائحته وآثاره. فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده” والمراد بالوضوء هنا: غسل اليدين. وقد اقترنت نظافة الوضوء ونظافة الطعام في هديه صلى الله عليه وسلم، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: “حَبَّذَا الْمُتَخَلِّلُونَ“، قَالُوا وَمَا الْمُتَخَلِّلُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “الْمُتَخَلِّلُونَ بِالْوُضُوءِ، وَالْمُتَخَلِّلُونَ مِنَ الطَّعَامِ، أَمَّا تَخْلِيلُ الْوُضُوءِ: فَالْمَضْمَضَةُ، وَالاسْتِنْشَاقُ، وَبَيْنَ الأَصَابِعِ، وَأَمَّا تَخْلِيلُ الطَّعَامِ: فَمِنَ الطَّعَامِ، إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْمَلَكَيْنِ مِنْ أَنْ يَرَيَا بَيْنَ أَسْنَانِ صَاحِبِهِمَا شَيْئًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي“[1].
إن كثرة ما يصيب الإنسان من أمراض يكون عن طريق عدم العناية بالفم وعدم المحافظة على الأسنان بترك بقايا الطعام بينهما، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أمته ويأمرها باستخدام السواك قال صلى الله عليه وسلم: “تسوَّكوا فإن السواك مطهرة للفم، ومرضاة للرب، ما جاء جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي“[2] كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى تنظيف الأواني فقال: “إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا: نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أقنيتكم ولا تتشبهوا باليهود“[3].
كيفية الوضوء
أمر الله سبحانه وتعالى بالوضوء في الآية الكريمة “يا أيها الذين ءَامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم” [المائدة، 7]، والوضوء عبارة عن الاستعداد للصلاة؛ لأن جوهر الصلاة هو أن يتصور الإنسان أنه أمام الخالق السميع؛ ولكي يتهيأ ذهنه لذلك ويتخلص من شواغل الحياة الكثيرة، فرض عليه الوضوء قبل القيام بالعبادة، وقد بين لنا الرسول صلى الله عليه كيفية الوضوء، ومن ذلك ما رواه حمران بن أبان[4] قال: “إن عثمان دعا بوضوء، فغسل كفيه ثلاثا –أي ثلاث مرات– ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرافق ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا“[5].
وجاء في حديث آخر عن عبد الله بن زيد رضي الله عنهما في صفة الوضوء ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه: “فأقبل بيديه وأدبر“[6] وفي لفظ لهما: “بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه“[7]، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم “يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي مسح به رأسه“[8] وهذه الأحاديث بينت فرائض الوضوء وسننه وهي التي يطبقها المسلمون في المذهب المالكي….
يتبع في العدد المقبل…
————————–
1. رواه الإمام أبو داود.
2. رواه الإمام أحمد.
3. رواه الإمام ابن ماجة.
4. حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما ، سباه خالد بن الوليد وبعث به عثمان رضي الله عنه، توفي عام 75 هجرية بلوغ المرام هامش ص: 9 والزرقاني على موطإ مالك (1/1).
5. متفق عليه.
6. متفق عليه.
7. متفق عليه.
8. أخرجه الإمام البيهقي.
أرسل تعليق