Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مبدأ اللزوم ومراتب الدلالة.. (2)

3. الدلالة الأصولية بين اللزوم الدلالي واللزوم التداولي

لقد ظهر مما سلف من البيان أن الدلالة تنبني في أصلها على مبدإ اللزوم، وبينا أن حاصل اللزوم عموما هو ترتب شيء على شيء، حيث يكون الارتباط الموجود بين هذين الشيئين ارتباطا موجها يتخذ من الدال أو الملزوم أساس العلاقة اللزومية ومن المدلول أو اللازم مقصدها.

ثم إن للقول جهتين دلاليتين متمايزتين هما المنطوق والمفهوم. يقول الشريف التلمساني: “اعلم أن القول يدل على الحكم من جهتين: من جهة منطوقه، ومن جهة مفهومه[1].

كما قسم ابن الحاجب الدلالة إلى قسمين: منطوق وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق ومفهوم وهو ما دل عليه اللفظ في غير محل النطق[2].

وذكر العلامة محمد الأمين الشنقيطي في مذكرته: “أن المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق، والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق“، وزاد موضحا بقوله: “وحاصل تحرير المقام في هذه المسألة أن لها واسطة وطرفين:

أ. طرف منطوق بلا خلاف؛

ب. وطرف مفهوم بلا خلاف..

ج. وواسطة مختلف فيها هل هي من المنطوق غير الصريح او من المفهوم، فالمجمع عليه على أنه منطوق دلالة الالفاظ على مسمياتها. والطرف المتفق على أنه مفهوم كمفهوم المخالفة (…) الواسطة المختلف فيها هل هي من المنطوق غير الصريح او من المفهوم هي دلالة الاقتضاء والإشارة والإيماء والتنبيه[3].

مبدأ اللزوم ومراتب الدلالة.. (2)

ونحن في هذا المقام لا نريد الخوض في التفاصيل بقدر ما نرغب في استبانة الوصف اللزومي  المميز لهذه المستويات الدلالية، علما بأن لكل قول ينتمي إلى الخطاب الطبيعي -ومنه الخطاب الشرعي- قوة لزومية واسعة ومختلفة الأبعاد أو يحمل إمكانات استلزامية متنوعة[4]. ولتحقيق هذا الغرض نحتاج في البداية إلى أن نميز في اللزوم بين نوعين متمايزين، وعلى ضوئهما سنتناول نماذج من الدلالات الأصولية، وعليه نقول إن اللزوم باعتباره وصفا راسخا للفعل الدلالي نوعان:

الأول لزوم دلالي ويشمل مجموع الاستلزامات المستندة إلى البنية الدلالية للقول مجردة عن السياق، والمثال الموضح لهذا النوع من اللزوم  هو دلالة الاقتضاء.

والثاني لزوم تداولي يشمل كذلك مجموع الاستلزامات المستفادة من البنية الدلالية للقول مجتمعة إلى البنية المقامية والسياقية، والمقصود بالبنية المقامية، جملة الصفات والعلاقات التي تندرج تحتها العناصر الخارجية العاملة في الخطاب، أو قل بعبارة أخصر، إن اللزوم التداولي يشمل مجموع الإستلزامات الناشئة عن المقام الذي ورد فيه القول، أو عن السياق الذي جيء من أجله[5]. ويندرج تحت هذا الصنف من اللزوم نوعان من الدلالات التي نظر فيها الأصوليون وهما دلالة الإشارة ودلالة المفهوم..

يتبع في العدد المقبل..

——————————————–

1. مفتاح الوصول، ص 367.

2. منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، ص: 147.

3. مذكرة في أصول الفقه، ص: 281 وما يليها.

4. اللسان والميزان، طه عبد الرحمان، ص: 90.

5. اللسان و الميزان، ص: 101.

أرسل تعليق