Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الفكرة سير القلوب في ميادين الأغيار، والفكرة سراج القلب، فإذا ذهبت فلا إضاءة له

      في هذه الحكمة المباركة يجلي الشيخ بن عطاء الله رضي الله عنه حقيقة أن مَوَران الأفئدة تدبرا في الكتاب المسطور، وتفكرا في الكتاب المنظور، هو مطية السالك إلى الحضرة الصمدانية التي تخترق به حجب الغفلات وأهلها، وقد سمى الشيخ رضي الله عنه هذا الموران فكرة، لكونه هو الذي يمكّن السالك من الاهتداء بالآيات والعلامات، ففي سورة النحل وبعد بيان تنزل الهدى من حضرة القدس على من يجتبيهم من عباده لينذروا أنه لا إله إلا هو، ذكر تعالى جملة من العلامات والآيات الكونية، ثم قال سبحانه: “إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” [سورة النحل، الآية:11] ثم ذكر عز وجل جملة أخرى من الآيات الكونية الأخرى وقال عز من قائل: “وعلامات وبالنجم هم يهتدون” [سورة النحل، الآية: 16].

      ثم جاء ذكر الأغيار من أضرب الغفلات والوالغين فيها وعاقبتهم الوبيلة من جرّاء عدم تمسكهم بحبل الله المتين، وحيه “وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الاَولين” [سورة النحل، الآية: 24]؛ لأنهم لم يُعْمِلُوا الفكرة فلم ينتفعوا بكل هذه الآيات والعلامات، وفي مقابلهم جاء ذكر الذين أعملوا الفكرة، “وقيل للذين اَتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا” [سورة النحل، الآية: 30]؛ لأن إعمال الفكرة هو العبور من العلامات إلى مدلولاتها، وهو قوله تعالى في كتابه العزيز في عدد من المواطن “إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” [سورة النحل، الآية: 69، سورة الزمر، الآية: 42، سورة الجاثية، الآية: 13].

      فلا سير للقلوب في ميادين الأغيار بدون هذا الـمَوَران وهذا النور، ولذلك سمى الشيخ الفكرة سراج القلب، في إشارة جلية إلى أن هذا الموران يمكّن كذلك التفتيش المستدام في طوايا الفؤاد عما يستقرُّ من أدواء ومن استحواذات، وبدون إعمال الفكرة لا يوقف على شيء من ذلك، وإذا لم يُعَرفِ الداء فلن يجري البحث له عن دواء، وهو قول الشيخ رحمه الله: “فإذا ذهبت فلا إضاءة له”.

     والله المستعان

الأمين العام

                                                                                                               للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق