Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأسوة آلية فعالة من آليات التخليق.. (3)

ويأتي دور المكون الاقتصادي الذي يكون عموما بأيدي فارضي النوموكلاتورات بتصيير الأكاديم في وضع التابع حتى في عين كينونته، إذ التمويل للجامعات ومراكز البحث والأبحاث التي تُجرى فيها يصبح مشروطا بالسير في سياق الإبستيم السائد، رغم أن الحق مع موسى عليه السلام!

فيقع الأكاديم في التنظير لأنماط التوجهات والسلطة المادية والمعنوية والدساتير والقوانين والوسائل المُمَكّنة من حماية وتنـزيل الإبيسْتيمات السائدة فهي حماية متبادلة بين السلطة والإبيستيم المسخر للأكاديم.

ليرفد الأكاديم بعد ذلك الإعلام بحمولاته الداعمة الداعية إذ لن يُنتِج الأكاديم في هذه الحال إلا التوجهات والرؤى المتفرعة عن الإبستيم الحاكم.

فهذه حلقة مفرغة محكمة قادت وتقود العالم نحو أزمات صفيقة. وآية إفراغها وإحكامها أن المشاريع المجتمعية التي من المفروض أن تستهدي بها علوم التربية في وضع البرامج والمناهج التربوية لن تمنح سوى هذا الهدي التحكمي المُفرغ للإنسان من إنسانيته.

ومن هنا فإنه لا سبيل للخروج من هذه الأزمة إلا بالتعرف على الإنسان الشاهد -الوحدة القياسية- الذي يمثل حالة السواء والذي من خلال التعرف على بنائه النفسي والشخصي والقصدي يمكن الشروع في العمل على إنتاج العلوم الوظيفية والمناهج العملية الممكّنة من ردّ الاختلالات إلى حالة السواء. وهنا الدور المحوري الخطير لوظيفة النبوة ووظيفة الذكر الذي تأتي به متى ما حلَّ الرشد في التعامل معهما والتأسي بهما.

فالتعرف على حالة السواء -وكما تقدم- يمكّن من تجريد المثال التفصيلي الذي ينبغي أن يشمّر -من خلال البرامج والمناهج- للسير بالمتربِّين نحوه بغير عِوَج ولا أَمْت. وهذا مضمار -في العلوم التربوية- للبحث والإبداع فسيحٌ خصيب.

ودائما في علاقة بالوحدة القياسية على المستوى الفردي فإن علم النفس وعلم النفس السلوكي وعلم التحليل النفسي كلها علوم تعاني الأمرَّين لغياب العلم بماهية حالة السواء، ولا شك أن أهل هذه المجالات إن أعملوا عقولهم ووجداناتهم لتجريدها من آثار النبوة، فسوف يحلُّون إشكالات أليمة ومكلِّفة.

إن إنعام الله بأن تولَّى سبحانه وتعالى في مرحلة الختم بذاته العليَّة حفظ الذكر: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” [الحجر، 9]، فحفظت بذلك آثار النبوة المنيرة، واستمر إمكان التعرف على النبي الشاهد وعلى حالة السواء من خلاله.. إن هذه النعمة الجُلَّى إن شكرت بحسن التوظيف والتثمير، ولم تُكفر بالإنكار والاستهتار لَمِن شأنها أن تهدي العالمين إلى مستقبلات أكثر إشراقا..

والله المستعان

أرسل تعليق