Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأسرة وبناء المجتمع

اهتم الإسلام بالأسرة وجعلها من أهم مؤسسات المجتمع وأنسبها في الحفاظ على كيان الأمة ووحدتها، حيث عهد إليها مسؤولية تربية النشء وأوكل إليها مهمة إعداد رجال ونساء المستقبل، وأحاط العلاقات التي تنشأ عنها برعاية خاصة ومنحها قيمة تليق بها وبدورها الكبير في تكوين النواة الأولى للمجتمع، فهي مدرسة تربوية عظيمة تحفظ القيم وترعاها.

وقد دعا الشارع الحكيم  إلى تأسيس الأسرة على دعائم وأسس ثابتة وقيم ومبادئ سامية، وجعل من أولويات هذا البناء حسن اختيار الزوج والزوجة على أساس الدين والصلاح قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وأنكحوا الاََيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمآئكمُ إن يكونوا فقرآءَ يغنهمُ الله من فضله والله واسع عليم” [النور:32].

وعن عبد الله ابن عمرو –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه و سلم- قال: ” الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة [1] .

وعن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه  فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد. قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟  قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، ثلاث مرات[2].

فهذه التوجيهات النبوية الشريفة تؤكد على حسن اختيار دعامتي الأسرة التي يعتمد عليها في بناء هذه المؤسسة العظيمة، والتي يعول عليها في تنشئة الأجيال القادمة، وهذه الأمانة الكبرى التي كلف الزوج والزوجة بتحملها هي من أعظم الأمانات وأجلها اتجاه الأمة واتجاه المجتمع.

ويؤكد العلامة محمد الطاهر ابن عاشور ذلك في قوله: “ولم تزل الشرائع تعنى بضبط أصل نظام تكوين العائلة الذي هو اقتران الذكر بالأنثى المعبر عنه بالزواج أو النكاح، فإنه أصل تكوين النسل وتفريع القرابة بفروعها وأصولها” [3] .

وقد حرص الإسلام على دوام العلاقة الزوجية ودعا إلى المحافظة عليها، وأكد على تماسك أفراد الأسرة؛ لأن هذه الأخيرة هي المحضن الأول والأساس للنشء، والمؤسسة المناسبة لتثبيت قيمه ومبادئه  الدينية.

فللوالدين أثر عظيم في رعاية أبنائهم والحفاظ على فطرتهم وحسن تقويمها وتهذيبها، وقد رتب الإسلام حقوقا للأبناء على الآباء من أهمها الحفاظ على كيان هذه الأسرة والعمل على استمرارها ودوامها، وتوجيه الأبناء توجيها تربويا سليما على أساس التربية الإسلامية والمبادئ والقيم الدينية الكريمة.

وإن ما نراه اليوم من تفكك للأسر وتدهور لها وتراجع للدور الذي تقوم به في المجتمع هو نتيجة حتمية لتخلي الأسرة عن دورها الأساس الذي أنيط بها، وبعدها عن هدي الشرع الكريم الذي رسمه لها، وفي هذا التفكك هدم لخلية من خلايا المجتمع، بل هو هدم للمجتمع ككل؛ لأنه لا يستقيم  بناء إلا باستقامة جميع مكوناته.

———-

1. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب: خير متاع الدنيا المرأة الصالحة.

2. أخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب النكاح، باب: الأكفاء، والترمذي في سننه، كتاب النكاح، باب: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه.

3. محمد الطاهر ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، نشر الشركة التونسية للتوزيع، ص: 155

أرسل تعليق