التربية العقلية في الإســــلام..(26)
[ طرق ووسائل التربية العقلية في السنة]
تتعدد طرق التعلم تبعا لاختلاف المربين في ميادين اختصاصاتهم، وفي نظرياتهم التربوية، وفهمهم للوظائف الأساسية للتربية، وإلى جانب طرق التعلم، هناك العديد من الوسائل التي تساعد على إتمام عملية التعلم على النمو الإيجابي المرغوب فيه، وتمكن المعلم من إعانة المتعلم على فهم الحقائق وإدراك المعارف واكتساب الخبرات والتجارب التي تؤدي على حسن نضجه العقلي ومستواه التحصيلي، وسنقسم هذا المطلب إلى فرعين نتناول في الأول أهم طرق التعلم وتربية العقل وفي الثاني سنركز على أهم الوسائل المساعدة على التعلم والتربية العقلية.
طرق التعلم وتربية العقل
للطرق أهمية قصوى في عملية التعلم، إذ يترتب على خللها وقصورها الفشل في بلوغ أهداف التعلم الفردية والجماعية، ويترتب على كفايتها وتوفيقها النجاح في تحقيق تلك الأهداف، “ويقصد بالطريقة في التربية، تزويد المتعلم بالمعلومات التي يمكن أن تؤثر في شخصيته تأثيرا علميا، على أن المعرفة لا يمكن أن يكون لها مثل هذا التأثير، ما لم تكن المواد التي تتكون منها مرتبة بشكل يتفق مع الهدف الذي ترمي إليه، فالمعلومات الكثيرة التي لا يرتبط بعضها ببعض لا تفيد كثيرا، والعبرة إذن ليست بكمية المعلومات التي يتلقاها، بل بالفائدة التي يحصل عليها من تلك المعلومات”[1].
وقد سلك المربي الرسول عليه الصلاة والسلام طرقا عدة في تربية الإنسان المسلم، طرقا تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين، وتحترم طاقاته ومواهبه، وتعمل على تنميتها، ونظرا لكثرة طرق التعلم واختلاف المربين في حصرها؛ فإن المقام لا يتسع لبحثها كلها، على أنه يمكننا إيراد بعض أهم الطرق للإيضاح فيما يلي:
أولا: طريقة التجربة والممارسة: تعتبر هذه الطريقة من الطرق الفعالة؛ لأنها تمكن المتعلم من المشاركة الذاتية في عملية التعلم، ولا تجعله قاصرا على التلقي، وكأنه جهاز استقبالي آلي، والسنة النبوية حافلة بالشواهد التي تؤكد أهميتها الفعالة في التربية والتعليم، فلم يقتصر الرسول صلى الله عليه وسلم على تلقين المسلمين تعاليم دينهم في جميع المناسبات، بل كثيرا ما كان يثير لديهم عناصر المبادأة الشخصية، والنشاط الذاتي، والممارسة العملية التي قد يصيبون فيها أو يخطئون، ثم يصحح لهم أخطاءهم إذا عجزوا عن تلافيها بأنفسهم، ومن الأمثلة على ذلك، حديث المسيء في صلاته الذي صلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخطأ فأمره بإعادة الصلاة، وظل يجرب ويخطئ، فلما لم يحسنها وجهه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الكيفية الصحيحة لإقامة الصلاة، ومن ذلك تأكيد رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: “لا حكيم إلا ذو تجربة“، لأهمية الممارسة والمحاولة والخطإ في توصل المتعلم بمشاركته الفعلية إلى المعرفة الصحيحة، وتثبيت التعلم في ذهنه، وتنمية قدراته العقلية وإذكائها…
يتبع في العدد المقبل…
———————–
- الدكتور عبد العزيز عبد المجيد، التربية وطرق التدريس، ج: 1، ص: 11.
أرسل تعليق