Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

حالة السواء

يتصل التاريخ من حيث انطلاق دورته الحضارية الإسلامية بالأنموذج الذي أرسى دعائمه الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وصحبه الكرام. لكن النظر إلى هذه القضية انفك عن مقصديته القائمة على أن هذا الأنموذج يشكل وحدة قياسية، أي أنها معيار، أو حالة سواء، وجب أن يتم ردُّ الأمور إليها بعد دراستها، واستخلاص مقوماتها حتى يُصبح هذا الاستعمال لهذا الجزء المشرق من تاريخ المسلمين، استعمالا وظيفيا، وتكون مقاربته مقاربةً وظيفية.

حين لم يتم تجريدُ حالة السواء هذه، وتجلية معالم الوحدة القياسية، و”منهجة” كيفية التعاطي معها، والاستمداد منها… تم الانزياح عن هذا المنهج، الذي هو منهج التأسي، إلى مجرد التبرك، فحيث يقوم المنهج الأول على الرجوع إلى الوحدة القياسية لقياس حالتنا عليها من أجل تصويبها بواقعية ومرونة تجعلان الإنسان دائمَ الارتباط بواقعه، غيرَ غافل ولا لاهٍ عنه ولا عن ضروراته وإكراهاته؛ بحيثُ إنهُ يُطالب ضمن هذا المنهج بأن يكون دائمَ القيام بثلاث خطوات متكاملة:

أولاها، تَمثّل الوحدة القياسية وحالة السواء، بطريقة علمية بحيث تكون مبوّبةَ وممفصلةً وممنهجة.
وثانيها، أن ينظر إلى واقعه وأن يُحلله، ويجلي مقوماته، ومكوناته، وأدواره، وسُلطه، ومراكزه…

وحين يعي الإنسان واقعه، ثم يعي أوجهَ الخلل فيه في استحضارٍ للوحدة القياسية ولحالة السواء، سوف يتمكن من القيام بالخطوة الثالثة، وهي تجاوز الواقع في استلهامٍ لحالة السواء. وهي حالة وجب التذكر دوما بأنها أيضا كانت محكومةً بواقعها وبأسيقتها؛ لأن القياس يكون دائما مع الفوارق، فإذا لم يلحظ الإنسان هذه الفوارق وأراد استعمال القياس بشكل أوتوماتيكي فإنه سوف يُخطئ التقدير، وهذا هو “مفهوم التأسي”.

حين لم نُحكم الفصلَ بين الوحدة القياسية (حالة السواء)، وبين واقعنا بمختلف تمظهراته حدثت أزمات. وحين اعتقدنا لفترة أن المراد هو الاقتداء وليس هو التأسي حدثت أيضا أزمات، لأننا أردنا-في فترات معينة- إعادة إنتاج هذا الواقع بكل حيثياته. في حين أن هذا منالٌ يستحيل؛ لأن الأسيقة الكونية، والمحلية، والنفسية، والفكرية، والأفق المعرفي، كل ذلكم دائم التغير بأنواع تغيير وجب أن تكون باستمرار متمثلة ومأخوذة بعين الاعتبار دون ذهول عن حالة السواء التي هي بمثابة القطب الجاذبي الحاذي.

والله المستعان

الأمين العام

                                                            للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق