Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

ابن القطان – المشيخة.. (47)

هذا هو الجزء السابع والأربعون من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته، وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه، ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته.

أبو يحيى المواق: أبو بكر بن خلف الأنصاري القرطبي الفاسي

(تـ 599هـ)

[القسم الأول]

1. مادة الترجمة

أصل مادة هذه الترجمة من التكملة لابن الأبار[1]، وما سوى هذا الكتاب ففرع عنه، فالذهبي في تاريخ الإسلام[2] لخصها من عند ابن الأبار، وصرّح بذلك، وأخذها عن الذهبي الصفدي في الوافي بالوفيات دون عزو[3]، وأما ابن القاضي المكناسي[4] فنسخ الترجمة نسخا من تكملة ابن الأبار دون إحالة عليها، ونقل العلامة التعارجي في ترجمة ولده: أبي عبد الله ابن المواق -تلميذ ابن القطان وصاحب التعقبات المشهورة عليه التي سماها: “بغية النقاد النقلة” ما في التكملة منبها على أخذ صاحب الجذوة لهذه الترجمة منها دون عزو، وزاد زيادات مفيدة أخذها من التشوف ومن التنبيه[5]، وزاد الشيخ الكتاني في السلوة زيادة متعلقة بحال قبر المترجم الآن[6]، وفي التشوف حكاية عن كرامة من كرامات أبي عبد الله التاودي المعلم ذُكِرَ الإمام المواق في قصتها[7]، وله فيه أيضا ذكر في ترجمة أبي عبد الله ابن الكتاني: محمد بن علي بن عبد الكريم الفندلاوي، إذ كان أبو يحيى المواق متولي الصلاة عليه لما مات[8].

ولما ترجم الدكتور محمد خرشافي في قسم الدراسة[9] الذي صّدر به تحقيقه لكتاب “بغية النقاد النقلة فيما أخل به كتاب البيان وأغفله أو ألمَّ به فما تمَّمه ولا أكمله” لأبي عبد الله محمد بن أبي يحيى المواق لاحظ شحَّ، وندرة المصادر التي تستفاد منها ترجمته، وحينما ترجم لوالده أبي يحيى المواق لم يجمع -مع شدة الحرص- من مادة هذه الترجمة شيئا زائدا على الموجود في المصادر المذكورة أعلاه.

2. اسمه وكنيته ولقبه

هو أحد شيوخ ابن القطان فيما نص عليه ابن الأبار في ترجمته[10]، وابنُ عبد الملك في ترجمة ابن القطان، وجعله من شيوخه الذين سماهم في برنامجه، والذين لقيهم وأكثر عنهم[11].

يسمى: أبا بكر، ويكنى أبا يحيى، فاسمه على هيئة الكنية لأنه اسمٌ مصَدَّرٌ بـ: أبي؛ واشتهر بـ: المواق. قال ابن الأبار: “يعرف بالمواق”[12]، ثم اشتهر بـ: ابن صافي، وبذلك ذكره الكتاني في السلوة[13]، وقال ابن الأبار لما ذكر وفاته بفاس: “دفن بداره المعروفة به بدرب ابن صاف من داخلها[14]، وقال الكتاني: “ومن خط بعض الفضلاء قال: المدفون بدرب ابن صافي هو: أبو بكر بن خلف بن صافي المواق الأنصاري؛ قاضي فاس، تلميذ ابن قرقول، أصله من قرطبة، توفي سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وفي التنبيه ما نصه: ومنهم: سيدي صافي؛ بدرب ابن صافي، الدار الأولى عن يسار الداخل للدرب المذكور.اهـ. قلت: ولازال ضريحه معروفا بها إلى الآن، عليه مقبرية من رخام ودربوز، وهو مزار متبرك به”[15].

وأبو يحيى المواق قرطبي انتقل إلى مدينة فاس، فسكنها على ما جرى به الأمر في زمان المرابطين والموحدين من انتقال أهل العلم، وذوي النباهة من العدوة الأندلسية إلى العدوة المغربية، إذ كان المغرب إذاك دار الخلافة، وقبة الإسلام، وقاعدة الملك، والناس ينجذبون إلى العواصم لكثرة ما فيها من المصالح؛ وقد جُبلت النفوس إلى الميل إلى المصالح حيث مالت.

 ولما ورد الرجل المغرب: “حظي بخدمة السلطان بمراكش فنال دنيا عريضة، واعتقد أموالا جليلة، ولي قضاء مدينة فاس، وتوفي بها وهو يتولاه[16] فيما قاله ابن الأبار.

3. منزلته في العلم

أَشْهَرُ ما اشتهر به المواق: الفقهُ، والحديثُ. فأما الفقه: فحلاه ابن الأبار  بـ: “الفقيه المستبحر[17]، وذكر أنه: “كان حافظا حافلا في علم الفقه، والخلاف فيه، ملازما للتدريس، تام النظر، لا يدانيه أحد في ذلك”[18].

 وأما الحديث: فقد قال ابن الأبار أيضا: “عني بالحديث على جهة التفقه والتعليل، والبحث عن الأسانيد والرجال، والزيادات، وما يعارض أو يعاضد، ولم يعن بالرواية، وقد حدث وسمع منه أبو الحسن ابن القطان، وسماه أبو الربيع ابن سالم في شيوخه[19].

 وأبو الربيع ابن سالم هو الحافظ الإمام الكبير الكلاعي صاحب الاكتفا، والمقصود بقوله: في شيوخه أي: ذكره في معجم شيوخه، وهو من أشهر كتبه، وقد أكثر الناس من النقل عنه كابن الأبار[20]، وابن عبد الملك[21]، وابن الزبير[22].

وسيأتي في المقال المقبل -إن شاء الله- ذكر مشيخته، ومصنفاته، والآخذين عنه، مع تنبيهات هامة.

يتبع إن شاء الله في العدد المقبل..

—————————————————

1. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

2. تاريخ الإسلام، 12/1189.

3. الوافي بالوفيات، 10/145.

4. جذوة الاقتباس، ص: 106.

5. الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، 4/231-234.

6. سلوة الأنفاس، 1/224.

7. التشوف، ص: 274-275

8. التشوف، ص: 335.

9. الدراسة، الباب الثاني، ابن المواق وكتابه، بغية النقاد، ص: 161 فما بعدها.

10. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

11. الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، س8، ق: 1/165-166.

12. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

13. سلوة الأنفاس، 1/224.

14. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

15. سلوة الأنفاس، 1/224.

16. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

17. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

18. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

19. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

20. التكملة لكتاب الصلة، 1/165-186، 2/239-253، 3/381-410.

21. الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، س: 5، ق1/61-62-125، س: 5، ق: 2/462-670-676.

22. صلة الصلة، 4/29-208.

أرسل تعليق