Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأسوة آلية فعالة من آليات التخليق.. (2)

الوحدة القياسية على المستوى الفردي

إن البشرية اليوم تعيش في حيرة بهذا الخصوص من جراء توهم عدم التوافر على مثال حي خلو من النقائص، فإن أهل الاختصاص -بدعوى الوظيفية- يحاولون النظر في ما هو متعارف على كونه مشروعا مجتمعيا لاستخلاص مختلف الاحتياجات في الموارد البشرية ثم لتصيير تيسير هذه الاحتياجات وتوفيرها أهدافا تربوية تسكب في البرامج التربوية وتبدع مناهج تربوية وتُصمَّم لتحقيقها.

وإذا علم أن المشاريع المجتمعية نفسها ناتج التدافع بين موازين القوى في المجتمعات؛ فإن الأمر يصبح أكثر تركيبا وتعقيداً. فالأقوى والأكثر نفاذا هم الذين يصوغون معالم المشروع المجتمعي ويشكلون العقول لقبوله، وذلك عن طريق خماسي: الإبستيم والأكاديم والاقتصاد والسلطة والإعلام.

فالإبيستيم الذي يجمع بين الرؤية للعالم “الكوسمولوجيا” والأطر المرجعية / البرادكمات (Paradigma) واليطوبيا والمنهاجية. إما أن يكون وليد -انطلاق استنباطي من الوحي- أو توليد فلسفي مقولاتي نسبي حر، أو إملاء متحكم “نومونكلاتورا” يفرض ما يريد مثل ما نقل عن فرعون في كتاب الله “قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ” [غافر، 29]. وجلي أن النمط الأخير هو السائد في عالمنا بألطف الطرق وأدقّها أحيانا، وبأصفقها وأعنفها أحيانا أخرى.

فبما أن الأكاديم يأتي في الدرجة الثانية ضمن النمط الإملائي التحكمي بخلاف النمط الاستنباطي من الوحي والنمط الفلسفي المقولاتي النسبي الحر حيث يكون الإبيستيم متفرعا عن الأكاديم، بما أن الحال كذلك في النمط الإملائي التحكّمي، فإن الفرد المتحكم أو الجماعة المتحكمة تكون هي المنتجة للإبستيم والفارضة له على الآخرين. وهذا لا يُخلي بحال ساحة الخاضعين من المسؤولية. يقول سبحانه وتعالى: “وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الاَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ أَمْ اَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ اَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” [الزخرف، 51-54].

 يتبع في العدد المقبل..

 

أرسل تعليق