Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (40)

2. شروط مراعاة الخلاف

وضع العلماء مجموعة من الشروط لضبط مراعاة الخلاف فليس كل خلاف معتبر، وهذه الشروط هي:

1. أن تكون المراعاة في المسائل المختلف فيها، أما المسائل المتفق عليها، فلا يراعى فيها غير دلائلها[1].

2. أن يكون الذي يراعي الخلاف مجتهدا: فمراعاة الخلاف عملية اجتهادية تحتاج إلى مجتهد متمكن عالم بالخلاف وقادر على تمييز الأدلة، قال الشاطبي: “مراعاة الأقوال الضعيفة أو غيرها شأن المجتهدين من الفقهاء، إذ مراعاة الخلاف إنما معناها مراعاة دليل المخالف حسبما فسره لنا بعض شيوخنا المغاربة، ومراعاة الدليل أو عدم مراعاته ليس إلينا معشر المقلدين، فحسبنا فهم أقوال العلماء، والفتيا بالمشهور منها، وليتنا ننجو مع ذلك رأسا برأس، لا لنا ولا علينا[2].

وقال الشيخ عليش: “مراعاة الخلاف وظيفة المجتهد لا المقلد[3].

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (40)

3. أن يكون الدليل المراعى قويا: لابد من اعتبار الخلاف أن يكون دليل الغير قويا، قال القرطبي: “لم راع مالك كل خلاف، وإنما راعى خلافا لشدة قوته”[4]. وقال ابن رشد: “على قوة الخلاف تقوى مراعاته[5]. أما الدليل إذا كان ضعيفا فلا يعتمد عليه ولا يعتد به، قال القباب: “إذا وقع العمل على مقتضى الدليل الآخر، راعى ما لهذا الدليل من القوة التي لم يسقط اعتبارها في نظره جملة… لأنه لو كان يراعي الخلاف مطلقا، لما ثبت له مذهب بوجه، ولأصبح أيضا يراعي القائلين، فإنه تارة يراعي قول ابن المسيب، وابن شهاب، وتارة يطرح الجميع، ويقول كل كلام، فيه مقبول ومردود، إلا كلام صاحب هذا القبر[6].

4. أن لا تؤدي مراعاة الخلاف إلى صورة تخالف الإجماع: وهي أن يعند الشخص إلى التلفيق بين المذاهب متتبعا الرخص، ويأتي بعمل لا يقول به أحد من الأئمة، ومثال ذلك: من عقد على امرأة بدانق من غير ولي ولا شهود، مقلدا الشافعي في الدانق، وأبا حنيفة في نفي الولي، وبعض المالكية في عدم اشتراط الشهادة عند العقد، فكما ذكر العلماء فهذا العقد يفسخ إجماعا.

5. أن لا يترك المراعي مذهبه من كل الوجوه: ومثال ذلك إذا تزوج مالكي زواجا فاسدا على مذهبه، لكنه صحيح على مذهب غيره، ثم طلق ثلاثا، فإن ابن القاسم يلزمه الثلاث مراعاة لمن يقول بالصحة، فلا تحل له إلا بعد زوج، فلو تزوجها قبل أن تتزوج غيره لم يفرق بينهما ابن القاسم؛ لأن التفريق بينهما حينئذ إنما هو لاعتقاد فساد النكاح، ونكاحهما عنده صحيح، وعند المخالف فاسد.

فلو روعي خلاف المخالف في هذه الحالة أيضا للزم ترك المذهب من كل الوجوه، يريد أن منعه من تزويجهما أولا إنما هو مراعاة للخلاف، وفسخه ثانيا – لو قيل به- كان مراعاة للخلاف أيضا، ومراعاة الخلاف مرتين تؤدي إلى ترك المذهب بالكلية، ولا يمكن أن يترك الإنسان مذهبه مراعاة لمذهب غيره”[7].

يتبع في العدد المقبل…

——————————————

1. الموافقات، 4/109.

2. الفتاوى، للإمام الشاطبي، 119.

3. فتاوى الشيخ عليش، 40.

4. البحر المحيط، الزركشي، 8/310.

5. البيان والتحصيل، 4/301.

6. المعيار المعرب، 6/388.

7. المعيار المعرب، 12/38.

أرسل تعليق