Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (37)

2. أنواع مراعاة الخلاف

ينقسم مراعاة الخلاف عند العلماء إلى صنفين:

أ. مراعاة الخلاف قبل وقوع الفعل، أو الخروج من الخلاف، فالمالكية راعوا الخلاف قبل وقوع الفعل، وذلك احتياطا، وهو ما يسمى عندهم بالخروج من الخلاف ابتداء، إلا أن بعض المالكية استشكوا هذا النوع من مراعاة الخلاف، ومن هؤلاء أبو الحسن علي بن عبد الحق الزرويلي المعروف بالمغربي (تـ719هـ) فقد عقب على كلام ابن رشد عند مسألة المسبوق هل هو قاض أم بان؟ ونص ابن رشد: “وقول مالك رحمه الله: إنه إذا سلَّم الإمام وأدرك ركعة من الظهر يقرأ بأم القرآن وسورة، فإذا ركع وسجد جلس، فإذا قام قرأ بأم القرآن وسورة.

إنما أجاب بأن ما أدرك مع الإمام أولها، ورأى أن يحتاط بزيادة السورة في الثالثة رعيا للخلاف.

قال الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الحق الزرويلي المعروف بالمغربي: “وفيه إشكال لكونه راعى الخلاف قبل الوقوع، وإنما يراعى الخلاف بعد الوقوع[1].

والمعتمد أن المالكية راعوا الخلاف قبل وقوعه، ويمكن أن نستدل على ذلك بمجموعة من الأدلة:

فتاوى الإمام مالك المبنية على مراعاته للخلاف قبل وقوعه، وسنراه في الأمثلة.

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (37)

ما كان يفعله الإمام مالك في خاصة نفسه، ولا يفتي به للناس، حتى لا يشوش عليهم، وكل ذلك رعيا للخلاف، ونموذج ذلك نذكر: أن الإمام مالك كان يدعو بدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة سورة الفتحة، قال ابن وهب: “صليت مع مالك في بيته، فرأيته يرفع يديه في أول ركعة، وكان إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه حذو منكبيه، وكان يقول: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) فلما سئل عن ذلك قال: أكره أن أحمل الجاهل على ذلك فيقول إنه من فرض الصلاة”[2].

 على الرغم من أنه كرهه في الصلاة، لمخالفته لعمل أهل المدينة، فقد روى مالك في موطئه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها[3].

يظهر من خلال فعل مالك أنه راعى قول من قال بسنية دعاء الاستفتاح خروجا من الخلاف.

فتاوى واجتهادات علماء المالكية: العديد من العلماء المالكية راعوا الخلاف قبل وقوعه، وفي هذا المعنى يقول المقري: “والصحيح قبل الوقوع – خلافا لصاحب المقدمات توقيا واحترازا، كما في الماء المستعمل، وفي القليل بنجاسة على رواية المدنيين، وبعده – أي بعد وقوعه – تبرءا وإنفاذا[4].

إلا أننا لا نتفق مع المقري عندما قال إن ابن رشد الجد صاحب المقدمات لا يقول بمراعاة الخلاف قبل الوقوع، وهذا مخالف لما نجده في البيان والتحصيل وكذا المقدمات الممهدات، فهو على العكس من ذلك، فكثيرا ما يردد قوله: “إنما خفف في ذلك ابتداء مراعاة للخلاف“.

ب. ومراعاة الخلاف بعد وقوع الفعل: فهو محور حديثنا في المقالات الآتية، لأن العلماء عند حديثهم بصفة عامة عن مراعاة الخلاف فإنهم يقصدون مراعاة الخلاف بعد الوقوع.

يتبع في العدد المقبل…

——————————

1. شرح حدود ابن عرفة، 1/264.

2. البيان والتحصيل، 1/413-414.

3. الموطأ، كتاب: الصلاة، باب العمل في القراءة.

4. القواعد للمقري، 1/236-237.

أرسل تعليق