Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

عن ضرورة الحوار من أجل سلام عالمي

      تعيش البشرية فوق كوكب صغير يسمى الأرض، وهو على شساعته لا يعدو كونه نقطة زرقاء سابحة في الفضاء. وكوكبنا بحكم اكتشاف سكانه عددا من الإمكانات الهائلة التي تقرب المسافات وتطوي الزمان وتيسّر التأثير والتأثر قد أضحى أشبه بخلية النحل الهائجة المائجة، وأضحت عليه هذه المجموعة البشرية أشبه بالبويضة الملقّحة التي يمكن أن يتولّد عنها كائن إنساني سوي وخيّر، كما يمكن أن يتولد عنها مارد مدمر لذاته وللحياة من حوله.

      وبناء على هذا الإدراك فإن الحوار اليوم قد تجاوز بمراحل كونه مجرّد اختيار إلى صيرانه ضرورة؛ ولاسيما أن البشرية اليوم قد أصبحت أفعل وأقدر في مجالات التدمير منها في كل العصور التي مضت. فنحن نمتلك من القنابل النووية والذّرية والهيدروجينية وغيرها، ما نستطيع به تدمير الأرض آلاف المرات وليس مرة واحدة. ويكفي تسلل قناعة مظلمة لواذا إلى عمق الإنسان فتستقر فيه لكي يدمر هذا الكويكب الذي ليس لنا ملجأ سواه؛ فلا أرض -راهنا- سوى هذه الأرض يمكن أن تُقلّ النوع البشري.

      وقد أثبتت تجربتنا التاريخية المشتركة أن الرشد الذي برهنا عليه مجتمعين لم يبلغ درجة الكفاية، حتى في إطار تديناتنا المتنوعة، فالقراءة للتاريخ تثبت أن تعاطينا مع الوحي وهادياته لم يكن فيه -في الأغلب- التوجّه لهذا الوحي لنستمد منه أجوبة عن سؤالاتنا، وإنما كان تعاملنا معه –على الأعمّ- تعاملا استعماليا من أجل أن نَنْصُر به قضايا ضيقة، أو أن نقضي به أغراضا زائلة، وقد يقارف هذه القضايا وهذه الأغراض في كثير من الأحيان إضرار بالذات أو بالمحيط، أو بهما معا.

      وقد كانت الفترات -على قلّتها- التي سلَّم فيها الإنسان فعلا للوحي ولهدايته وأنواره بتوجه وفهم سليمين عبر التاريخ البشري أكثر الفترات سلاما وعطاء ورشادا وتعاونا على البر والتقوى.

      إننا في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى فتح الأبواب على الواقع كما هو، لنتمكّن من إدراكه على ما هو عليه، لنكون أقدر على تصييره ذلك الواقع الذي نحلم به، فكلنا نحلم بالتسامح وبالجمال وبأن تكون البشرية متعاونة على البر والتقوى، ولكن الواقع يُثبت أن ثمة سوابق معرفية وبرديغمات تؤطر الأذهان، ومن خلال هذا التأطير توجه الواقع وسلوك الإنسان. وبالتالي فإنه لا بد من فتح هذه المنطقة ودخولها لاستكشافها وتنقيتها وإعادة ترتيبها بين يدي أي مبادرة تتغيى تحقيق السلام فوق هذا الكوكب.

      والله الهادي إلى سواء السبيل

الأمين العام

                                                                                                               للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق