Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

دعاء الاستغاثة

يقول عز وجل في محكم كتابه الحكيم: “إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين” [الاَنفال، 9].

سيقت الآية في مقام قتال أعداء الدعوة الإسلامية. وقد سيق مقامها المقالي في إطار إبراز ما ينشده المسلمون، وما يكرهه المجرمون، وما يريده الله تعالى من نصر يحق به الحق ويبطل به الباطل لقوله: “وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون” [الاَنفال، 7-8]، وقوله أيضا: “وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم” [الاَنفال، 10]. قال الشيخ ابن عاشور رحمه الله: “يتعلق ظرف “إذ تستغيثون” بفعل “يريد الله”؛ لأن إرادة الله مستمر تعلقها بأزمنة: منها استغاثة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ربهم على عدوهم، حين لقائهم مع عدوهم يوم بدر. فكانت استجابة الله لهم بإمدادهم بالاملائكة من مظاهر إرادته تحقيق الحق. فكانت الاستغاثة يوم القتال في بدر، وإرادة الله أن يحق الحق في المدينة. يوم وعدهم الله إحدى الطائفتين، ورشح لهم أن تكون إحدى الطائفتين ذات الشوكة، وبين وقت الإرادة، ووقت الاستغاثة مدة أيام، ولكن لما كانت الإرادة مستمرة إلى حين النصر يوم بدر صح تعليق ظرف الاستغاثة بفعلها؛ لأنه اقترن ببعضها في امتدادها[1].

أما مقامها الحالي فمرتبط بما تحكيه و تقصه كتب الحديث والسيرة  من أن المسلمين لما نزلوا بدرا و رأوا كثرة المشركين استغاثوا ربهم لقوله تعالى: “إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين” [الاَنفال، 9]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى المشركين، وهم ألف، وإلى أصحابه، وهم ثلاث مائة فاستقبل القبلة ومد يده يدعو: “اللهم أنجز ما وعدتني. اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض“. فما زال كذلك حتى سقط رداؤه. فقال أبو بكر: “يا نبي الله، كفاك مناشدة ربك؛ فإنه سينجز ما وعدك[2].

يبدو من هذا المقام أن المقصود من هذه الآية أهمية التضرع إلى الله تعالى، أعني إن المقصود هو أهمية أن نجأر إليه بالدعاء عند مواجهة المبطلين، ومقاتلة المعتدين. فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا بد من القتال طفقوا يدعون الله تعالى، ويستغيثونه، أي يطلبون الغوث، وهو الإعانة على رفع الشدة والمشقة، وهكذا بعد الاستعداد التام والاستغاثة التامة بالله تعالى كانت الاستجابة الإلهية بالإمداد، أي إعطاء المدد، وهو الزيادة من الشيء النافع.

 ———————————————–

1. ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج: 9، ص: 274.

2. تفسير الطبري ج: 9، ص: 189، وابن كثير، ج: 2، ص: 290 وتفسير البيضاوي، ج: 3، ص: 92.

أرسل تعليق