Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

المكتبة الوطنية.. دعامة لبناء الثقافة بالمغرب

تعتبر المكتبة الوطنية للمملكة المغربية مؤسسة ثقافية علمية، يحفظ فيها التراث الثقافي والإنساني والحضاري وتعمل على تثقيف أجيال الباحثين، كما تمثل فضاءً للتناظر العلمي والمعرفي.

يقول البروفيسور إدريس الخروز مدير المكتبة الوطنية في هذا الصدد: “… تعد المكتبة الوطنية مشروع وطني، أريد له أن يعكس الثقافة المغربية في عمقها الحضاري وانفتاحها على الآخر، وأيضا أن تكون مجالا لحفظ الذاكرة الوطنية والمساهمة في تنشيط وتعميق السؤال حول الذات والآخر…”.

ومن هذا المنطلق فالمكتبة الوطنية تعد بمثابة حلقة وصل في نقل التراث

 الثقافي إلى المجتمع، كما تؤدي دوراً طلائعيا في نشر الوعي الثقافي بين أفراده، وذلك عن طريق ما تحويه من رصيد موزع بين المخطوطات والكتب النادرة وأرشيف الصور والخرائط وتصاميم التهيئة والمكتبات المهداة من طرف شخصيات وطنية، إضافة إلى الكتب والدوريات والمجلات والجرائد التي تُعين المجتمع على كسب العلم والمعرفة والخبرة، وكذا تمكين الباحثين والطلاب من الوصول إلى مصادر العلم والفكر والثقافة..

عبق التاريخ

للمكتبة الوطنية تاريخ طويل، فقد أنشأت كخزانة عامة عصرية للكتب سنة 1912، إلا أن تحقيقها فعليا، لم يتم إلا في سنة 1920، حيث عين الأستاذ بيير دو سينيفال (1888 – 1937) أول محافظ للخزانة العامة، وهو الذي يعود له الفضل في وضع نظامها الأساسي وفهرسة رصيدها الوثائقي، والمتكون أساسا من مخطوطات ومطبوعات، إلى جانب كتب معهد الدراسات المغربية العليا.

وبمقتضى ظهير فاتح نونبر 1926، أصبحت الخزانة العامة  مؤسسة عمومية، حيث عهد إليها جمع الوثائق المتعلقة بالمغرب، وإتاحة الاطلاع عليها للعموم، كما عهد إليها تلقي وثائق الإدارات وحفظها، وذلك بمقتضى البند التاسع من الظهير المذكور، وهكذا أصبحت بحق الخزانة العامة للكتب والوثائق.

كما أودع في الخزانة العامة رصيد ثان من الكتب، عبارة عن محتويات مكتبة المؤسسة التي عرفت بالمعلمة العلمية بالمغرب، بعد أن وقع حلها عام 1920. وبعد ذلك اغتنى رصيد الخزانة العامة بمجموعات وثائق الخواص، من أمثال الهبة ماء العينين والفقيه الحاج المختار بن عبد الله ووثائق النادي الألماني بطنجة ووثائق الحاكم العام ج. كلوزيل والموظف الفرنسي بالجزائر أوكوستان بيرنار وقنصل فرنسا ليريش والمراقب المدني السابق لوكَلي وميشو بيلير رئيس البعثة العلمية بالمغرب، الذي عيِّن فيما بعد رئيسا لقسم السوسيولوجيا…

وقد استمر تزويد رصيد الخزانة العامة بفضل الإيداع القانوني الذي أحدثه القانون الصادر عام 1932، وأيضا بفضل الشراء والهبات والتبادل.

في بداية الاستقلال دخلت إلى الخزانة العامة مجموعات مهمة كمّا وكيفا من المخطوطات كان مصدرها خزانات بعض الزوايا والمساجد وبعض الخزانات الخاصة، مثل مجموعة عبد الحي الكتاني ومجموعة باشا مراكش السابق التهامي الكَلاوي…

بين ابن حزم وابن خلدون

 ابتداءً من11 نوفمبر 2003، تاريخ إصدار الظهير الشريف المنظم لمؤسسة “المكتبة الوطنية للمملكة المغربية”، حيث أصبح لها هذا الاسم الجديد بعدما كانت تحمل اسم الخزانة العامة. كما تم نقل مقرها من شارع ابن بطوطة لتستقر سنة 2008 وسط العاصمة، بين شارعي ابن حزم وابن خلدون.

يقول الأستاذ عبد العاطي لحلو المدير المساعد بالمكتبة الوطنية: “…  لم يكن هدف أصحاب فكرة إنشاء المكتبة الوطنية، أن تكون البناية الجديدة مجرد أسمنت مسلح وزجاج، بل ابتغوها معلمة ثقافية وتاريخية وحضارية… إذ اتخذت المكتبة برجا عاليا يشبه إلى حد كبير صومعة المسجد، بزليج مغربي مقشر، وأيضا انفتاح قاعات القراءة على حدائق داخلية غَنَّاء…”.

وبين رئيس مصلحة التنشيط الثقافي والتواصل بالمكتبة الوطنية الأستاذ إبراهيم إغلان: “أن البناء الجديد، شيِّد بدون أسوار ولا أبواب أو سياج حديدي، لتدل على انفتاحها على المدينة، وسهولة الولوج إليها من كل جهات العاصمة، وربما لتنسجم مع مفهوم الكتاب الذي لا تحده حدود ومع الثقافة التي ليست لها قيود… “.

ويضيف قائلا: “… أن البناء الجديد أخذ بالحسبان معطى إيكولوجي وهو تشييده فوق تل، فاضطر المهندسون إلى النزول بأساساتها إلى أعماق الأرض، حتى لا تحجب الرؤية عن كثير من معالم الرباط، لتصبح حديقة مولاي رشيد عن يمينها وحديقة التجارب عن يسارها…”، وللإشارة فإن المهندسين شيدوا المكتبة الجديدة بين فضاءات واسعة من الداخل والخارج وحتى داخل رحاب المكتبة  لتوسيع الرؤية أمام روادها وقرائها وللترويح عنهم. كما أنه روعي في بناء المكتبة قربها من المؤسسات التعليمية والجامعية وبعض المآثر التاريخية ومن المواصلات، حيث بنيت بمحاذاتها محطة للترامواي، ستسمى بـ “محطة المكتبة الوطنية”، لربطها بمدينة العرفان.

في رحاب المكتبة

أثناء زيارتنا لرحاب المكتبة الوطنية بالرباط، لاحظنا انسجام الطلبة والباحثين وتجاوبهم في فضاء هذه المعلمة الحضارية، فقد أبدى روادها الذين التقينا بهم ارتياحهم للتنظيم المحكم لهذا الصرح الثقافي؛ إذ أصبحت تنافس في الوقت الراهن نظيراتها بالخارج.

لقد تم إغناء المكتبة الوطنية بالعديد من الفضاءات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
•    الفضاء العام أو ما يسمى بالرفوف المفتوحة الذي  يعرض أ كثر من 90000 مرجع وكتاب حديث مصنفة حسب المواضيع..
•     فضاء ذوي الاحتياجات الخاصة: الذي يتميز باحتوائه على تجهيزات جد متطورة تمكن هذه الفئة من الولوج لمصدر المعلومة، كما أنهم معفون من رسوم الانخراط في المكتبة.
•    فضاء الدوريات: الذي يعرض بدوره  يعرض 300 دورية حية، إضافة للجرائد التي تصدر بالمغرب. ويمكن للباحث أن يطلب الدوريات المرجعية التي يبلغ عددها 10.000 عنوان يغطي جميع التخصصات بلغات مختلفة..
•    فضاء السمعي البصري:  يتوفر على الأجهزة والمعدات اللازمة التي تمكن القراء والباحثين  من الاطلاع على ما تتوفر عليه المكتبة من موارد سمعية بصرية.
•     فضاء المجموعات المتخصصة:  يحتوي على أكثر من 4.000 خريطة وتصميم ويضم كذلك مجموعة من الصور تقرب حوالي 8.000 صورة و400 كليشيهات و1.200 صورة صوتية. ووثائق صوتية وبصرية وسمعية ومعلوماتية ونقود وميداليات عن طريق الشراء أو الهبات أو التبادل..
•    فضاء البحث:  يعرض أكثر من 250000 وثيقة معاصرة وتراثية كالمخطوطات، المطبوعات الحجرية، كتب النادرة..
•    فضاء الأنشطة الثقافية والعلمية: الذي يتوفر على مدرج يسع 300 مقعد، ومزود بأحدث تقنيات الصوت والصورة والإنارة الخاصة، وقاعة للمحاضرات تتسع لـ100 مقعد، إضافة لقاعتين دائرتين…

حصيلة السنة الأولى

نظمت بالمكتبة الوطنية خلال السنة المنصرمة -منذ شهر يناير إلى شهر دجنبر2009- حوالي 250 نشاطا ثقافيا وعلميا موزعا بين ندوات، محاضرات، تقديم كتب، أمسيات أدبية، موائد مستديرة، تظاهرات فنية، إضافة إلى المعارض باختلاف أنواعها.

منها:

96نشاطا مشتركا بين المكتبة الوطنية ومؤسسات وجمعيات مختلفة، 83 نشاطا نظمته قطاعات حكومية وهيئات دبلوماسية صديقة، 42 نشاطا خاصا بالمكتبة الوطنية.

وتأتي القضايا الفكرية في المرتبة الأولى من حيث طبيعة هذه الأنشطة، تليها محاور الآداب واللغات والتاريخ، ثم تقديم الإصدارات الجديدة، وأمسيات شعرية وموسيقية، ولقاءات تكريمية أو تأبينية لفائدة علماء ومثقفين مغاربة، وأخيرا محاور السينما والمعارض الفنية والورشات التكوينية.

وأوضح الأستاذ عبد العاطي لحلو بخصوص أنشطة المكتبة: “كانت حصيلة  هذه السنة جد إيجابية من حيث عدد المنخرطين بالمكتبة الذي وصل إلى حدود اليوم إلى 5000 منخرط، وكذلك وصل عدد الأنشطة الثقافية والعلمية المنظمة بالمؤسسة إلى 250 نشاط، وقد حرصنا على تعزيز الشراكة والتعاون مع المؤسسات وطنيا ودوليا، فمثلا كان هناك تبادل بيننا وبين المكتبة الوطنية الفرنسية والبلجيكية والإسبانية والكورية.. وأيضا مع مكتبة الإسكندرية ودار الكتب القومية..”.

للمؤسسة كلمة

وخلص المدير المساعد إلى أن: “المكتبة الوطنية تنفتح على عالم المعرفة وتستكشف آفاق جديدة لوضع التراث الوطني الوثائقي في خدمة البحث العلمي باستعمال التكنولوجيات الحديثة ومن أجل دمقرطة المعرفة..”

  من إنجاز الأستاذة عزيزة بزامي
رئيسة تحرير جريدة ميثاق الرابطة

التعليقات

  1. عزيزة السبيني

    أرجو أن يتسنى لي زيارتها في زيارتي القادمة إلى الرباط وإجراء فيلم وثائقي عنها

  2. ايمان

    جميل

  3. mehdi borj

    merci pour lrs informations

  4. سمير ايت اومغار

    الحمد لله وحده
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

    يسرني كأستاذ باحث أن تفتتح بالرباط مكتبة حديثة جديدة متجددة متنوعة الكتب مختلفة التخصصات، ممتلئة بالنوادر والشوارد…

    إنها المكتبة التي وصلت أخبارها للغرب والمشرق، فتوارد عليها الباحثون المشارقة والمستشرقون بحثا عن نوادر المخطوطات والمطبوعات التي اجتمعت بها وتفرقت في غيرها.

  5. أبو علي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
    شكرا على هذا المقال التعريفي بالمكتبة الوطنية التي هي صرح عظيم في مجال الثقافة والمعرفة، وذلك بجهود مديرها الحثيثة وغيرته وجديته، غير أن هناك عوائق جمة دون تحقيق المأمول، الذي هو تشجيع المعرفة ودعم الفكر، ومنها:
    * ضعف وسائل تحفيز الموظفين والقائمين على أمور المكتبة، فالمكتبة جديدة وبنايتها فخمة جميلة ولكن تسيير أمورها ضعيف، وتصرفات موظفيها لازالت كما كانت في القديم.
    * ضعف وسائل الوصول إلى المعلومات فالفهرسة الورقية متلاشية مهترئة، أين الفهرسة الإلكترونية المباشرة على الشبكة العالمية.
    * غياب الوسائل الحاسوبية في تصوير المخطوطات والكتب غيابا تاما، فالتصوير ورقي فقط.
    * تلاشي المحتويات خاصة بعض الكتب والمجلات القديمة، فقد تم بتر كثير من الكتب والنصوص ..
    وأخيرا إن الزائر للمكتبة الوطنية يلحظ فراغها في كل الأوقات من القراء والطلبة والباحثين إلا صبابة قليلة جدا، أما أنشطتها فهي قليلة ولا يتتبعها جمهور كبير، ومن العادي أن لا يحضر الندوات سوى عشرة أشخاص فقط، لماذا؟ لأننا لسنا مجتمع معرفة وثقافة وفكر، والمشكلة هنا أكبر من المكتبة الوطنية إنها مشكلة المجتمع وتوجهاته الفكرية.
    تحياتي لمدير المكتبة المخلص وموظفيها المتحمسين لخدمة العلم والفكر المغربي، والسلام

  6. علي الأصبحي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    لله در هذا البلد / المغرب العظيم، العظيم برجاله ونسائه، العظيم بتاريخه وأمجاده، وحضارته ومؤسساته، كتلك التي أنجزت السيدة الفاضلة: رئيسة تحرير "ميثاق الرابطة" تحقيقا حولها والتي تعتبر، بحق، مفخرة بلدنا العزيز، وتاج رأسه الشامخ، وجوهرة ترصع هامة حضارته المتألقة، ومعلمة ثقافية يعز نظيرها في الغرب الإسلامي، تشع بأنوار المعرفة، منهل من مناهل العرفان، ومورد لكل ضمآن، الحركة العلمية فيها دائبة، فضاءاتها المتنوعة مفتوحة في وجه كل باحث وزائر، بل في وجه المؤسسات الثقافية الوطنية والدولية، في إطار التفاعل الثقافي الذي يسهم في تشييد صرح الحضارة الإنسانية …
    فشكرا للمخلصين من رجال ونساء هذا البلد الآمن الذي يخطو خطوات عملاقة في طريق النهضة بالعلم والعمل، وأخص بالشكر الجندية المخلصة منجزة التحقيق قال الشريف الرضي:
    كم من نفوس غدت لله مخلصة بالعلم في صفحة القرطاس والقلم
    فهنيئا لك مرة أخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  7. إيمان

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    أحيي الأستاذة عزيزة بزامي على هذا المقال الذي يلخص ويُعرف بالمكتبة الوطنية .
    أذكر فقط بالفرق بين المكتبات العامة والوطنية:
    المكتبات العامة:
    وهى المكتبات التي تقدم خدماتها للجمهور العام بمختلف فئاته سواء أطفال، طلاب، عمال، مهنيون، أكاديميون، حيث أنها تمتلك مصادر معلومات تغطي كافة فروع المعرفة البشرية ومختلف الموضوعات .
    المكتبات الوطنية:
    وهى تعد المكتبة الأم داخل الدولة، ويكون لها مهام خاصة تتمثل في حصر جميع الإنتاج الفكري الصادر داخل الدولة، والإنتاج الفكري الصادر عن الدولة بالخارج، والإنتاج الفكري الصادر لأبناء الدولة بالخارج، وقد يتعدى ذلك بحصر أبرز الإنتاج الفكر الأجنبي، والمكتبة الوطنية تتمتع بحق الإيداع الذي يلزم كل ناشر بوضع عدد معين من النسخ لكتابه الجديد بالمكتبة الوطنية، وهناك بعض الدول ليس لديها مكتبة وطنية فتقوم إحدى المكتبات الجامعية الكبرى بدور المكتبة الوطنية .
    وتعد دار الكتب القومية بمصر أول مكتبة وطنية نشأت في الوطن العربي سنة 1870م. وتعد مكتبة الكونغرس الأمريكية أكبر مكتبة في العالم تأسست سنة 1800م وافتتحت أمام الجمهور الأمريكي سنة 1879م.

  8. السكتاني عمر

    السلام عليكم وبعد
    في الحقيقة لا يمكن لكل باحث سبق وأن ولج إلى المكتبة الوطنية إلا أن يؤكد المكانة التي تحتلها هذه الأخيرة ليس على المستوى الوطني ولكن أيضا على المستوى الدولي، حيث تتوفر على فضاءات متنوعة للدراسة والمطالعة ويسهر عليها طاقم إداري رفيع ذلك ما لمسناه منذ أول زيارة قمنا بها إليها، ونتمنى أن تشمل هذه البادرة باقي المدن المغربية خاصة التي توجد بها كليات أو بعض المعاهد العليا، حتى يمكن لأبناء هذه المدن أيضا الاستفادة من الخدمات التي هم في أمس الحاجة إليها، تفعيلا لسياسة القرب من جهة، وتحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص من جهة أخرى …….

أرسل تعليق