Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

القضية الأولى: هل المغرب دار حديث؟(الجزء الثامن)

لم يتسع الجزء السابع من هذه السلسلة لإيراد ما اخترته من الشواهد على القضية التي ذكرتها في الجزء السادس وهي أن الحكم على حالة العلم ببلد من البلدان، يستلزم استحضار عنصر الزمان فيه؛ لأن العلم جزء من الحضارة، يعتريه ما يعتري الحضارة من بزوغ وإشراق وأفول.

والآن أريد استيفاء ما بقي من الشواهد التي اخترتها من كلام الحافظ الذهبي نفسه الذي تتبع ببراعة، وبعبارة  نهاية في الدقة مراحل تطور علم الحديث بالبلدان التي كان له بها وجود، وذلك إلى عصره القرن الثامن، فها هو يقول عن بلدان كانت للصناعة الحديثية بها الجذور الراسخة، والأغصان الباسقة، وكان الحفاظ بها بالألوف، ثم ارتد الأمر فيها إلى الأفول، فقال حكاية عن الحال بزمانه: “وأما اليوم فقد  كاد يَعْدُمُ علم الأثر من العراق وفارس وأذربيجان، بل لا يوجد بأرّان، وجيلان وأرمينية والجبال وخراسان التي كانت دار الآثار، وأصبهان التي كانت تضاهي بغداد في علو الإسناد، وكثرة الحديث والأثر، والباقي من ذلك ففي مصر ودمشق حرسها الله تعالى وما تاخمها وشيء يسير بمكة، وشيء بغرناطة ومالقة، وشيء بسبتة، وشيء بتونس نسأل الله حسن الخاتمة “[1].

فانظر إلى هذه الجهة الغربية كيف بقي بها الحديث والاشتغال بالسنة النبوية متقد الجذوة رغم انطفائها بالجهة الشرقية. وهذا الذي ذكره الذهبي في “الأمصار ذوات الآثار” ذكر نظيره في ترجمة الإمام الحافظ أبي جعفر بن الزبير الأندلسي من تذكرة الحفاظ  [2] فقال: “وقد قل من يعتني بالآثار ومعرفتها في هذا الوقت في مشارق الأرض ومغاربها على رأس السبعمائة. أما المشرق وأقاليمه فغُلق الباب، وانقطع الخطاب، والله المستعان. وأما المغرب وما بقي من جزيرة الأندلس، فيندر من يعتني بالرواية كما ينبغي فضلا عن الدراية..اهـ

فانظر إلى هذه أيضا، وما فيه من ضمني الإقرار بما كان بالمغرب من اشتغال بالسنة بقي منه ما بقي رغم انقطاعه بالمشرق.
وسنرى إن شاء الله تعالى فيما يأتي من “القضايا والأعلام” ما يثبت ذلك.

يتبع..

————

1. الأمصار ذوات الآثار، ص 230.[1]

2.   1485/4.

أرسل تعليق