Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الخطاب الشرعي والقواعد النسقية للتأويل.. (4)

[صور التعارض]

لقد تعقب الأصوليون صور التعارض ومظاهره وأنواعه وبينوا مراتبه، واشتغلوا بالطرق والكيفيات التي يمكن بها رفعه أو تقليصه على الأقل، ولا يسعفنا المقام بتتبع سائر ما جاء من آرائهم وتنظيراتهم حول المسألة، غير أن الاكتفاء بنماذج جامعة ومختصرة في الوقت نفسه كفيل بتقريب الصورة ومقاربة الموضوع على وجه إجمالي، وعليه ارتضينا الشاطبي نموذجا جامعا لبيان صور التعارض، حيث نجده يميز فيه بين ضربين هما: ما لا يمكن فيه الجمع، وما يمكن فيه الجمع.

أما الأول فتقريره أن يكون الحكم دائرا بين “طرفي نفي وإثبات ظهر قصد الشارع في كل واحد منهما، فإن الواسطة آخذة من الطرفين بسبب هو متعلق الدليل الشرعي، فصارت الواسطة يتجاذبها الدليلان معا: دليل النفي ودليل الإثبات[1].

ومن الأمثلة التي ساقها الشاطبي عنوانا لهذا الضرب شهادة  مجهول الحال، هل تقبل إلحاقا بالعدل أو لا تقبل إلحاقا بالفاسق، ومن ثم صار مجهول الحال دائرا بين طرفين واضحين، فهذه الصورة وما شاكلها تكون مظنة الإشكال والتردد[2].

الخطاب الشرعي والقواعد النسقية للتأويل.. (4)

وبعد أن قرر الشاطبي أن “وجه الترجيح في هذا الضرب غير منحصر”[3]، بين أنه يتعين “الالتفات إلى كل طرف من الطرفين أيهما أسعد وأغلب أو أقرب بالنسبة إلى تلك الواسطة، فيبني على إلحاقها به من غير مراعاة للطرف الآخر أو مع مراعاته[4].

وأما الضرب الثاني أي ما يمكن فيه الجمع فتندرج فيه صور أربع هي:

الصورة الأولى: تعارض جهة كلية مع جهة جزئية مندرجة تحتها، ومثل لها بالكذب المحرم مع الكذب للإصلاح بين الزوجين، وكمعارضة قتل المسلم قصاصا أو بالزنا لأصل حرمة قتل المسلم[5].

الصورة الثانية: تعارض بين جهتين جزئيتين داخلتين تحت كلية واحدة كأن يتعارض حديثان أو قياسان أو علامتان على جزئية واحدة، والمتعين في هذه الصورة أحد أمرين:

إبطال أو إهمال أحد الدليلين بالنسخ أو تطريق وجه قادح في اعتبار ذلك الدليل، حيث يكون الحكم “للدليل الثابت عند المجتهد، كما لو انفرد عن معارض من أصل”[6].

إعمالهما معا، حيث يلزم “أن لا يتوارد الدليلان على محل التعارض من وجه واحد، لأنه محال  مع فرض إعمالهما فيه، فإنما يتواردان من وجهين وإذاك يرتفع التعارض البتة، إلا أن هذا الإعمال  تارة يرد على محل التعارض كما في مسألة العبد في رأي مالك فإنه أعمل حكم الملك له من وجه وأهمل ذلك من وجه، وتارة يخص احد الدليلين، فلا يتواردان على محل التعارض معا، بل يعمل في غيره ويهمل بالنسبة إليه لمعنى اقتضى ذلك…[7]..

يتبع في العدد المقبل..

———————————————-

1. الموافقات، 4/218.

2. الموافقات، 4/115-116.

3. نفسه، 4/219.

4. نفسه، 4/220.

5. نفسه، 4/221.

6. نفسه، 4/222.

7. الموافقات، 4/222.

أرسل تعليق