Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الخطاب الشرعي والقواعد النسقية للتأويل.. (32)

ويشترط في الصفة اتصالها بالموصوف، فلا يصح الفصل بينهما، كما يشترط تأخرها عن الموصوف.

ولا تخلو الصفة إما أن يكون موصوفها جملة واحدة أو جملا متعددة؛ فإن كان الأول، كانت الصفة مخرجة لبعض ما اشتمل عليه عموم اللفظ كقولنا: أكرم الرجال العلماء، فالإكرام مقصور على العلماء من الرجال. وإن كان الثاني، فإما أن تعود الصفة على الجميع إن كانت الجمل متعلقا بعضها ببعض كأن نقول: “أكرم العرب والعجم المومنين، وإما أن تعود على الجملة الأخيرة دون سواها إذا لم يكن بين الجمل تعلق، ومثالهأكرم العلماء وجالس الفقهاء الزهاد“.

وإذا كانت الصفات كثيرة، فإما أن تتعلق بالجملة على جهة الجمع أو على جهة البدل[1]. فالأول مثاله: أكرم النساء الحسان والعالمات، فالإكرام متعلق بالنساء اللواتي اتصفن بالحسن والعلم. ومثال الثاني: “أكرم النساء الحسان أو العالمات، فالإكرام هنا متعلق بالنساء المتصفات بالحسن أو العلم، وقد تكون الصفات متعددة والموصوفات متعددة أيضا سواء على سبيل الجمع أو على سبيل البدل على نحو ما رأينا في الشرط والمشروط.

الغاية

التخصيص بالغاية وجه من وجوه البيان المتصل أيضا، وغاية الشيء في الاصطلاح طرفه ومنتهاه[2]والمراد بالغاية غاية صحبها عموم بحيث يشملها من جهة الحكم إذا لم تذكر، سواء تقدمت الغاية كأن تقول: “إلى أن يفسق أولادي وقفت بستاني عليهم وعلى أولاد أولادهم، أو تأخرت كأن تقول: “وقفت بستاني على أولادي إلى أن يفسقوا، فلو لم تأت الغاية لكان وقفا عليهم فسقوا أم لا[3].

والأدوات الدالة على الغاية هي: “حتىوإلى“.ظاهرة الاحتمال ومراتب الخطاب في النسق الأصولي المالكي.. (9)

مثال الأول قوله تعالى: “حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون [التوبة، 29]، فقتال المشركين عام ومستمر إلى حين إعطاء الجزية، ولولا الغاية لوجب قتال المشركين أعطوا الجزية أو لم يعطوها[4].

ومثال الثاني قوله تعالى: “يا أيها الذين ءَامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق” [المائدة ، 7]، فقصرت الآية وجوب غسل الأيدي على ما يشمل المرافق دون مجاوزتها بمقتضى الغاية.

يتضح إذن أن الغاية إذا اتصلت بالأسلوب المفيد للعموم، دل هذا الاقتران على أن الحكم فيما قبل الغاية بخلاف الحكم فيما بعدها.

وللغاية أحكام نجملها فيما يلي:

أ. يشترط في الغاية أن تكون متصلة بالمغيى، بحيث لا يفصل بينهما فاصل موجب للانقطاع واللغو.

ب. إذا وردت الغاية بعد جمل متعاطفة فإنهاتعود لجميع ما تقدمها مما يمكن عودها له على رأي الأكثر، والقول بأنها تعود لما وليته فقط بعيد لضعفه[5].

ج. إذا سيقت الغاية لتأكيد العموم ليس إلا، فلا تعد مخصصة، كقولنا: (قرأت القرآن من الفاتحة إلى الخاتمة)، فعبارة (من الفاتحة إلى الخاتمة) مؤكدة لاستغراق الجملة الأولى، (قرأت القرآن)، ومن ثم لا تعد (إلى) مخصصة في هذا الموطن.

د. دخول الغاية في المغيى وقع الخلاف فيه بين الأصوليين، حيث حكى الشوكاني ستة مذاهب في المسألة[6]، ولقد انتهى الزمخشري إلى ضابط عام مقتضاه أن الحكم بإدخال الغاية أو إخراجها إنما مداره على الدليل. قال في الكشاف: “إلى تفيد معنى الغاية مطلقا، فأما دخولها في الحكم وخروجها فأمر يدور مع الدليل[7].

ولعل الخلاف بين العلماء في شأن غسل المرافق في قوله تعالى: “وأيديكم إلى المرافق” –هل يجب غسلهما في الوضوء أو لامنبن على الخلاف في هذه القاعدة[8].

يتبع في العدد المقبل

————————-

1. إرشاد الفحول، ص: 261 ونشر البنود، 1/253.

2. نشر البنود، 1/254.

3. نفسه،1/254.

4. العام وتخصيصه في الاصطلاح الأصولي،إدريس حمادي، ص: 157.

5. نشر البنود،1/255.

6. إرشاد الفحول، ص: 262.

7. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل،1/596 وما يليها دار المغرفة للطباعة والنشر ( د.ط.ت).

8. انظر تفصيل ذلك فيبداية المجتهدلأبي الوليد بن رشد، 1/11 وما يليها.

أرسل تعليق