Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الحياة جميلة يوم يصحح إدراك الناس للحياة

إن أزمة الإنسان المعاصر هي فقدان الذاكرة بالماضي وبالتالي فقدانه هدفه في الحياة، وعدم شعوره بأنه جزء متسق من الكون الخاضع حتما لإرادة الله عز وجل، وهذه هي حقيقة ما يعانيه الإنسان الآن من أزمات نفسية مدمرة؛ لأنه أعرض عن طاعة الله عز وجل، إذ لابد من جهد مبارك ومتواصل لكي تتحقق الأهداف المطلوبة، ولندع تلك الأساليب العقيمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، علينا أن نتتبع أساليب العصر الذي نحيا فيه بكل الوسائل الممكنة مهما كانت الصعوبات والمعوقات.

وبالخبرة والصبر نتجاوز ذلك، وبالبذل والسخاء والدقة والوعي، ولقد صدق من قال: ينبغي للعاقل أن يجمع إلى عقله عقل العقلاء وإلى رأيه رأي الحكماء؛ فإن الرأي الفذ ربما زل، وإن العقل الفرد ربما ضل، وحتى نكون خير أمة أخرجت للناس علينا أن نغير واقعنا الحالي فيما يتعلق بأمور العلم والتكنولوجيا، والاحتكاك مع السابقين في هذا الميدان؛ لأن المعرفة وحدة متكاملة، أما العلم بمفهومه المادي فهو إنتاج بشري محض مقطوع الصلة عن الله عز وجل، خلافا للعلم بالمفهوم الإسلامي فهو منحة من خالق عليم يعلم مخلوقاته رحمة منه، والإسلام ليس حكرا على مسلمي العالم الإسلامي، وإنما هو للناس أجمعين قال تعالى: “وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم” [محمد، 39].

الحياة جميلة يوم يصحح إدراك الناس للحياةوالدين ضرورة فطرية، والذين ينكرون الأديان فعقيدتهم رفض وهدم لا تجمع الناس على خير ولا تبني أنفسا، وعلى هذا فالإسلام حاجة روحية لصلاح البشر؛ لأن عقيدته هي الرباط بين الدنيا والآخرة، بالله وبالناس. فالناس وحدة في الإسلام، والإسلام معناه استغناء الإنسان بالله عن كل ما سوى الله، ومن هذا المفهوم يشعر الإنسان بالعزة والإباء والكرامة، وقيمه لا تقف ضد طبيعة الإنسان وفطرته، بل هو دين يتسع للحرية الفكرية العاقلة، والعدل من أهدافه حفظ كيان المجتمعات الإنسانية.

والتطبيق العملي للإيمان يمنح الإنسانية الاطمئنان والاستقرار، والتعود على تكاليف الحياة وأعبائها وتعميق السلوك الإنساني الخير، وعندما تنصب همم الرجال وعزائمهم في تيار واحد تيار الخير في عمل جماعي فعال يقوم على التقوى وخير الخير يلتقي الماضي والحاضر والمستقبل، وفي نفس الوقت تعبيرا عن عظمة الإسلام السرمدي وصلاحه لكل زمان ومكان، ويوم يلتقي الإيمان الخالص مع العمل الجاد تستثار كوامل الخير في نفوس الناس..

علينا أن نخلص الإنسان من أوهام جهله بالإسلام ومبادئه وتاريخ حضارته، وأن نكون مصدر خير للإنسانية لبناء الشخصية الإنسانية، والأخذ بيدها إلى شرف الانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس، والاعتزاز بالشخصية الإسلامية التي تكره الانغلاق والتقوقع والتعصب؛ لأنها كلها سلبيات لا يقرها الإسلام، وتذكير كل الناس بأن الإنسان لم يبدأ مسلكه بالجهل والظلمة، وإنما بدأه بالمعرفة والنور، والإسلام هدفه هو إعادة تركيب نسيج الحياة البشرية على أساس تقوى الله تعالى، ومساواة الناس، وأخوتهم بالعدل، وإنجاز هذه المهمة في المستقبل قد يبدو بعيد التحقيق، ولكن إذا اعيد بناء الفكر الإنساني على أساس المبادئ الإسلامية؛ فإن المتيسر الممكن يمهد السبيل لاستقبال عصر إنساني جديد، حتى يتضح لنا اسلوب العمل لزرع العقيدة القوية في عقول الآخرين المبنية على الفهم والوعي لإعطاء تصور سليم للإسلام وتنظيماته.

إن احترام حياة الإنسان قيمة، والاستخفاف بها رذيلة، والمجتمعات الإنسانية تعروها مفاسد جمة، ولابد من أخذ المبادرة حتى لا تسوء النتائج بما هو فتاك ومريع، إن شرور الفساد المتراكمة كحلوكة الليل الأليل، ولا دواء إلا تقديم وصفة الإسلام الناجعة، وما على العقلاء من ابناء وبنات الإسلام إلا أن يضيفوا إلى رصيدهم ألإيماني كنزا ثمينا لا يقدر بثمن، لمواجهة اللادينية وكل الأفكار المنحرفة بمنطق جديد يستمد روح الدين الإسلامي ويدحض أوكار الانحراف من أجل أجيال جديدة من حقها أن تعرف الحق وتتعرف إلى الحقيقة، ولو أن الإسلام وجد الجهد الطيب المنسق المدروس؛ فإن حقائق دعوته ناصعة وهي مبتغى البشرية الراشدة وأملها في الخلاص مما هي فيه من انحلال وانحراف وضلال، والإسلام خير من يعبر عن آمال البشرية وتطلعاتها، والناس منتظرون أن يتحقق هذا؛ لأن الدين هو ذاكرة الإنسان التي تذكره دائما بقانون السماء والأرض، فإذا فقد الإنسان الدين يتحول إلى سرطان مدمر لنفسه ولمجتمعه تماما مثل الخلية السرطانية التي تدمر نفسها وتدمر ما حولها من الخلايا.

والحياة جميلة، ولكن جمالها يقتضي أن يكون لها عقلاء يصححون إدراك الناس للحياة، مع وجود الرغبة في الخلق والإبداع والابتكار، وتصوير خلجات البشرية، وإذكاء شعورها الإنساني، وما يستطيع ذلك إلا ذووا الباع الطويل، والقدح المعلى لرفع راية الإسلام مرفرفة فوق سماء كل الشعوب، بعد أن سقطت طويلا في عصور الانحطاط، وإن الأمر ليس بحاجة إلى تصيد السمعة الزائفة والثناء المحنط، ولكنه فقط يحتاج إلى قدر من الجدية والإحساس بالمسؤولية، والرغبة في العمل لأجل هداية الإنسان ولوجه الله وحده، ويومها تشعر البشرية أن المسلمين يصنعون الحياة قال تعالى: “وإن الدار الاَخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون” [العنكبوت، 64].

والله المستعان

أرسل تعليق