Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الاختلاف في الرأي من أدب العلماء

إن الإسلام لا يرفض الاختلاف في الرأي، لكنه يحيطه بضوابط حتى لا تقوم فتنة بين المسلمين تكون سببا في فرقتهم، وإذكاء للعداوات والخصومات فيما بينهم، ومن أجل ذلك يحذرنا الله سبحانه من هذا السلوك الذي ينحرف بنا عن هدي النبوة فيقول: “إن اَلذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء” [الاَنعام، 159]. ويوم تمسك المسلمون الأوائل بمنهج القرآن وهدي النبوة، كان خلافهم بقصد المصلحة العامة، فبلغوا قمة الاجتهاد دون شطط أو تجريح لمن يخالفونهم في الرأي، فهذا ابن مسعود رضي الله عنه، خالف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسألة فقهية، فما زادهم ذلك إلا حبا وتقديرا، وها هو الإمام الليث بن سعد فقيه مصر وعالمها الورع، يقع بينه وبين الإمام مالك رضي الله عنهما أجمعين، خلاف رغم ما كان بينهما من صلة حميمة فيرسل الإمام مالك رسالة إلى الإمام الليث، يوضح له مواطن الخلاف فيما أصبح عليه أهل مصر مغايرين بذلك ما عليه أهل المدينة بسبب فتواه، فيرد الإمام الليث عليه ردا رفيع الأدب، فيقول في رسالته إليه: سلام الله عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: عافانا الله وإياك وأحسن لنا العاقبة في الدنيا والآخرة، فقد بلغني كتابك تذكر فيه من صلاح حالكم الذي يسرني، فأدام الله ذلك لكم، وأتمه بالعون على شكره والزيادة من إحسانه، ثم يستطرد قائلا: وإنه بلغك أني أفتي الناس بأشياء مخالفة لما عليه الناس عندكم، وإني يحق علي الخوف على نفسي لاعتماد من قلبي على ما أفتيهم به، وأن الناس تبع لأهل المدينة التي كانت إليها الهجرة، وبها نزل القرآن، وقد أصبت الذي كتبت به من ذلك -إن شاء الله تعالى- ووقع مني بالموقع الذي تحب.

 جريدة ميثاق الرابطة، العدد 829، الخميس 16 صفر الخير 1419 الموافق 11 يونيو 1998، السنة الواحد والثلاثون.

أرسل تعليق