Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

أزمة الأخلاق

      نعيش في عصرنا الحالي جملة من الأزمات، أفرزتها عوامل كثيرة ومختلفة. ولكن عندما نتأمل جليا في معاملاتنا وعلاقاتنا، نسجل بمرارة تدني منحنى القيم الأخلاقية في مجتمعاتنا، ونلحظ اضطرابا ملموسا في منظومة الأخلاق، وضع تحت كلمة “أخلاق” ما تشاء من السطور الحمراء.

      فقدنا كل شيء عندما تجردنا من أخلاقنا، الجميع يعاني من سوء معاملة الآخرين له، الكل يشتكي من قلة الحياء، والأنانية، والغيرة، والحسد، وقس على هاته الصفات اللاأخلاقية كل ما يدخل في باب الانحطاط الخلقي.

      لم نكن نتصور أبدا أن نعيش زمنا فيه الكثير من المتناقضات، حقا إنه زمن “الغاب” بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الجميع يركض بكل قواه وهو متسلح بشتى أنواع الدفاع عن النفس المباحة وغير المباحة، ولا شأن له في ذلك إلا نفسه، تاركا وراءه كل المشاعر الإنسانية التي تجعل من الإنسان إنسانا.

      أزمة الأخلاق هاته، لم تمس مجتمعنا الكبير فقط، وإنما بدأت تتفرع جذورها وتتغلغل داخل بيوتنا ومنازلنا التي هي جزء من هذا المجتمع، فنجد أُسرا قد نخر الفساد جدرانها، وكثرت شكاوى الآباء والأمهات من سوء معاملة أبنائهم، وفي المقابل هناك من الأبناء من يتذمر من معاملة أولياء أموره. وهكذا تضيع الأسر في تبادل الاتهامات فيما بينها بين ظالم ومظلوم، حتى تسقط فيما لا يحمد عقباه. والأمر من ذلك، فإنك إن تفحصت القضايا التي تعرض على المحاكم تجد أكثرها أسرية.

      بالله عليكم ماذا بعد هذا؟!

      •    ماذا بعد أن يقف الابن أمام أبيه أو أمه أو أخته في المحكمة مطالبا بأخذ الحق منه؟

      •    ماذا بعد أن تحرض أم ابنتها على الفساد وتدلها على طرق اللجوء إليه؟

      •    ماذا بعد أن يضرب التلميذ أستاذه داخل القسم، أو ينتقم منه بطريقة أو أخرى، عوض أن يشكره على حبه له وتفانيه في خدمة مصلحته؟

      •    ماذا بعد زنى المحارم؟

      •    ماذا بعد أن تتجرد الأم من مشاعرها التي من أجلها خلقها الباري عز وجل، وترتكب إجراما في حق ابنها، وتتركه عرضة للتشرد، وبدل أن يعيش معززا بين أحضانها يعيش لقيطا؟

      الأمثلة والشواهد كثيرة ومتنوعة…

      •    أين نحن من أخلاق قدوتنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟

      •    أين نحن من أخلاق أمهاتنا رضوان الله عليهن؟

      •    أين نحن من سجية الإيثار؟

      •    أين نحن من توقير الكبير والعطف على الصغير؟

      •    أين نحن من تبجيل المعلم والوقوف له؟

      •    أين نحن من “رضا الوالدين من رضا الرب”؟ أين نحن وأين نحن… ؟

      حقا لقد نسي الإنسان الكثير من الأشياء:

      •    نسي أنه إنسان قبل أي شيء، يشعر ويحس ويتألم ويضحك ويبكي…

      •    نسي أنه يملك “مضغة إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله”.

      •    نسي أنه يملك قلبا بين ضلوعه ينبض ويحدث نغما موسيقيا بدقاته.

      إذا نسي الإنسان هاته الهبات الإلهية، فهو لا محالة ميت، وما أصعب أن يموت الإنسان ألف مرة في اليوم وهو حي يرزق. وأصعب موت هو الموت الأخلاقي، وصدق الشاعر أحمد شوقي حين قال:

                 إذا أصيب القوم في أخلاقهم         فأقم عليهم مأتمـا وعويلا

 

التعليقات

  1. ملتقى أبرار الجنة

    نسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم ويجعل عملكم هذا في الميزان المقبول
    لقد اطلعنا على جريدتكم المميزة بفضل أستاذتنا الكريمة نوال التي يعتبرها ملتقى أبرار الجنة أستاذة الجميع فهي صاحبة "هل يكفي أن نكتب" لقد خطت بأناملها حلقة فقدت في تاريخ الكتابات العربية،
    نشكرك نوال الزاكي على ما جدت به علينا من عطاء بتعريفك لنا بهذه الجريدة النقية والمنألقة بك أنت أولا ومن رئيسة التحرير، ومن الفريق التقني…

  2. أحمد أيت لمقدم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد وآله وسلم.
    بداية أشكر الأستاذة الكريمة نبوية عبد الصمد العشاب على هذا الموضع المهم وعلى هذه الأسئلة التي تؤرق الآباء وكل الغيورين على الشأن التربوي . وأريد أن أضيف إشارة تزيد موضوعك جمالا ونصاعة بحول الله.

    الواقع المسلم به أن كل يوم يمر علينا نجد وسائل الإعلام تطالعنا بنشر جرائم مختلفة بعضها يتمثل في التعدى على البيئة في صور مختلفة ( منها ما يتعلق بتهديد صحة المواطنين ويهدد الأمن القومي ) والسؤال لماذا كل هذا والإجابة مرجعها إلي غياب الضمير وغياب الخلق وتلوث الخلق هو الأساس في كل ما يحدث من مخالفات…
    والتلوث الأخلاقي في عالمنا اليوم أصبح حقيقة ومسلمة تفرض نفسها، وتملى علينا أن نراجع أنفسنا فيما ندرس وفيما نعلم وفيما نتصرف، والتربية سلوك قبل أن تكون مجرد معلومات نرددها دون فهم وتطبيق.
    وتقويم فى المدارس والجامعات ومراكز التعلم والتعليم إجمالا تركزعلى ما هو معرفي ويتجاهل أهم ما في النفس البشرية وهو الجانب الوجداني والذي تعتبر الأخلاق ضمن أبعاد هذا الجانب وليس لها مكان ضمن درجات الطلاب على مستوى المراحل التعليمية، وتلك هي الحقيقة الحاضرة والغائبة في نفس الوقت.
    الأخلاق الإسلامية هي العلاج الحقيقي على المستوى النظري والعملي:
    تكاد تكون دعوة القرآن الكريم كلها دعوة إلى الأخلاق الفردية والاجتماعية، فالأخلاق تحتل قسماً كبيراً، وركناً عظيماً من أركان التربية القرآنية، "فقد ورد في القرآن الكريم ألف وخمسمائة وأربع آيات تتصل بالأخلاق، سواء في جانبها النظري أو في جانبها العملي، وهذا المقدار يمثل ما يقرب من ربع عدد آيات القرآن الكريم" وقد أجمع المربون المسلمون على: "أن التربية الخلقية هي روح التربية الإسلامية"، وأعظم ما يتربى عليه الإنسان من العلوم، وربطوا بين الدين والأخلاق برباط وثيق يُفيد: أن من لا خلق له لا دين له؛ بحيث لا يمكن أن يوجد متدين إلا وهو أخلاقي، ولا يمكن أن يوجد أخلاقي في سلوكه حقيقة إلا وهو متدين"، فإن من المسلَّمات أن الإنسان لا يحيى بغير أخلاق، والأخلاق لا توجد بغير دين؛ ولهذا يُلاحظ ارتباط الأخلاق عند كثير من الشعوب السابقة بالطابع الديني، فالدين والأخلاق: "شيء واحد، فلا دين بغير أخلاق، ولا أخلاق بغير دين.
    إن مهمة التربية تصبح سهلة إذا وجدت معياراً صادقاً للقيم والأخلاق، إلا أن الإنسان عاجز بقدراته المحدودة أن يضع لنفسه أو لغيره هذا المعيار الصادق الثابت الذي يمكن أن يفرَّق به بين الخير والشر، والحق والباطل، ومن هنا فإنه "لا يمكن الحصول على معرفة أخلاقية موثوق فيها دون اللجوء إلى المصدر الرئيس للتشريع والضامن للحياة الطيبة الذي نزله"، الذي يملك حق إصدار القيم، وحق الإلزام بها وهذان الحقَّان لا يملكهما إلا من يملك الحياة بأسرها،ويملك الإنسان بأهوائه، وهو الله جل جلاله.
    إن صدور القيم الخلقية عن الذات الإلهية عبر الوحي الرباني: تمثل – في حدِّ ذاتها- عند الإنسان الذي من طبعه التفلُّت من الالتزام: قناعة كافية لدفعه نحو التطبيق إذا لم يصاحب هذه القيم الخيِّرة إلزام من صاحب السلطة -جل شأنه- تجاه الجميع لتنفيذ الأوامر في جميع الأحوال، بحيث يصبح العصيان أمراً ممقوتاً مستهجناً، ويكون الإنسان البالغ العاقل، الحر في إرادته واختياره: ملزماً بالتحلي بالأخلاق الفاضلة، وتجنب الأخلاق الساقطة، على سبيل الإلزام لا على سبيل التخيير، بمعنى أن يكون علم الأخلاق هو علم الواجبات الملزمة…

  3. عبد السلام أجرير

    بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
    بداية أشكر الأستاذة الكريمة نبوية عبد الصمد العشاب على هذا الموضع المهم وعلى هذه الأسئلة الحرجة لواقعنا المر الذي لم يعد يخفى على أحد خطورته .
    بصراحة ما عاد يجدي فقط تشخيص الداء وتعرية الأمور، فنحن منذ زمن طويل والكل يصرخ وينادي بالويل والعويل والثبور…على أخلاق مجتمعنا المتردية والتي لا تزداد إلا انحطاطا بعد انحطاط .
    وقد اجتهد المصلحون عبر السنوات الطوال في إصلاح أخلاق المجتمع وتقويمها… ولكنا نجد المجتمع يزداد تفسخا ودمارا.
    فأين الحل؟ كيف نستطيع أن نجد حلا لأزمة الأخلاق بعد ما شخصنا الأزمة وعرفنا المشكل؟
    لا أروم الكلام هنا عن خطورة الأخلاق وضرورته في أي مجتمع وفي أي حضارة، فالكل متفق على أن الحضارة هي الأخلاق، وإذا فسدت الأخلاق فسدت الحضارة، ويكفي في ذلك أن أردد البيت الشهير لأمير الشعراء أحمد شوقي:
    وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

  4. ياسين عباد

    السلام عليكم أستاذة
    شكرا لك على هذا الموضوع المتميز، والذي لامست فيه موطن الداء…
    نتمنى أن نلتقي معك في عدد آخر من هذا المنبر…

أرسل تعليق