Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

أبو زيد التّمنارتي.. (1)

ارتأيت في هذه الحلقة التعريف بأحد أعلام سوس الكبار، علما وأدبا ورواية وسياحة، ومن خلاله بجوانب من الحركة الفكرية بالبلاد السوسية بفضل من الله، يتعلق الأمر بالعالم الكبير أبي زيد التمنارتي صاحب الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة..

هو أبو زيد عبد الرحمان بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد المعافري الجزولي التمنارتي، ينتسب إلى المعافر أو المعافرة الذين انتسب إليهم أبو بكر ابن العربي صاحب الأحكام، وقد نزل هؤلاء المعافرة الذين انحدر منهم أبو زيد التمنارتي منطقة تمنارت، واستقروا بها أوائل القرن الخامس الهجري، كما يدل على ذلك قول المانوزي نقلا عن المعسول للمختار السوسي (3/324).والمعافرة قبائل كثيرة في نواحي تمنارت، وقد سكنوا فيها بين بلاد قصبة تمنارت إلى قرية –إيشت- من القرن الخامس في أوله، في مدينة تسمى الفائجة.

ولد العلامة التمنارتيفي بلدة تمنارت، الواقعة بالأطلس الصغير، عند سفحه الجنوبي المطل على الصحراء، وهي واحة تتكون من قرى متفرقة على ضفاف واد يسمى واد تمنارت ويشكل أحد روافد نهر درعة الشهير. ومعنى تمنارت باللهجة السوسية منارة مؤنث المنار الذي هو الحد الفاصل بين شيئين، كمنار القبر، ومنار الفدان. وإنما أطلق هذا الاسم على تلك المنطقة؛ لأنها تشكل الحد الفاصل بين الصحراء وبلاد التل، وفي قرية من تلك القرى التي يطلق عليها اسم تمنارت استقر أجداد أبي زيد التمنارتي، وفيها ولد ونشأ وترعرع، وقد كان المختار السوسي-رحمه الله- يظن أن القرية التي نشأ فيها التمنارتي واستقر بها أجداده، هي قرية فم الحصنإمِي وْكادير– التي يقطنها الآن أحفاده، ويسمون أيت القاضي كما وضح ذلك عندما قاله في خلال جزولة، هذا ما حققه الأستاذ ليزيد الراضي في مقدمة تحقيقه لكتاب الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة، دار الكتب العلمية، 2007.

ويذكر الأستاذ الفاضل اليزيد الراضي محقق كتاب الفوائد الجمة للعلامة التمنارتي، أنه توجد مقبرة قديمة مندثرة، والراجح أنها للمعافرة أبي زيد القاضي التمنارتي صاحب الفوائد الجمة، وكان يرى أن منشأ القاضي هو –إمي وكادير– حتى سمع ما سمع، ويبدو أن اسم هذه القرية هو الفائجة كما تدل على ذلك قرائن متعددة، منها قول المانوزي بأن المعافرة التمنارتي سكنوا بتمنارت في مدينة تسمى الفائجة ذات نخل وأعناب، وعيون وفواكه..

وقد خربت تلك القرية -أو المدينة- الآن، ولم يبق منها إلا الأطلال، ويرجع سبب خرابها وجلاء السكان عنها إلى الجذب، حسب ما ذكر المختار السوسي في خلال جزولة عندما قال : “ويذكر الناس أنهم جلوا عن ذلك المكان، لجذب أصاب تلك البلاد” وإلى الخوف، حسب ما ذكر المانوزي (في المعسول 3/224)، عندما قال: ثم خالطتهم القبائل الصحراوية، مثل بني آسا والركيبات من عرب معقل، بالغارات تارة، والنهب والتخريب والإفساد تارة، فجعلوا ينتقلون شيئا فشيئا إلى نواحي السوس، حيث يأمنون على أنفسهم وأولادهم، إلى أن أخلوا بلاد الفائجة آخر القرن الثاني عشر، فصارت خرابا يبابا، لا أنيس فيها إلا اليعافير والعيسفغارت مياهها من عيونها وأوديتها، ويبست أشجارها، فصارت كأن لم تغن بالأمس، بعد أن كانت محط الرجال ذوي الفهوم والفنون”.

وإلى بلدة تمنارت ينتمي عبد الله بن ياسين، مؤسس دولة المرابطين، وقد ازدادت أهمية تمنارت في عصر السعديين، فأصبحت قاعدة بلاد جزولة، واعتبرت من بين الأعمال السوسية، التي يعين فيها قضاة ينوبون عن قاضي الجماعة الذي يعين في تارودانت، الحاضرة التي عرفت أوجها في عهد السعديين، وممن تولى القضاء فيها مدة من الزمان، الشيخ الشهير سيدي محمد بن إبراهيم التمنارتي،وقد تحدث عنها العلامة المرحوم محمدحجي في كتابه الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين فاعتبرها أحد المراكز القروية المهمة في ذلك العهد، كما تحدث عنها المختار السوسي -رحمه الله-  في المعسول، وخلال جزولة،وترجع أهميتها في عصر السعديين إلى أسباب منها: اشتهار أهلها بالصلاح والفضل، وعلى رأسهم الشيخ التمنارتي سيدي محمد بن إبراهيم، الذي كان أحد أعمدة التصوف في القرن العاشر الهجري، وازدهار العلم فيها، بسبب جهود الشيخ المذكور، الذي بنى بها مدرسة لنشر العلم والصلاح، وتصدر فيها لتدريس العلم طيلة عمره..

انطلاقا من قول التمنارتي في الفوائد الجمة، وفي خلال تلك المسالك، وأنا ابن ست وعشرين سنة، وهي سنة تمام الألف، قرعت باب الله بهذه الوسيلة ثانيا، مما يعني، أنه بلغ 26 سنة عام 1000هـ، فتكون سنة ولادته هي 974هـ/1545م، على التحقيق.

اشتهر أهل التمنارتي بالعلم بالصلاح والديانة، ويكفي أن نعرف أن قبر جده الثالث مزارة مشهورة بمقبرة سلفه، وأن والده غلب عليه التصوف وسلك طريق القوم، وقد تربى في أحضان كبار المتصوفة في عصره، ويكفي أن نعلم أن شيوخه في التربية هم، كما ذكر ابنه صاحبنا التمنارتي في الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة أبو العباس أحمد بن موسى السملالي التزروالتي الأشهر من علم، والشيخ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم التمنارتي، ولدا الشيخ التمنارتي، أبو إسحاق إبراهيم، وأبو عبد الله محمد، والشيخ أحمد بن محمد المعروف بالسائح الحاجي، والشيخ محمد بن ويسعدن السجتاني، لندرك قيمة هذا الرجل الفاضل، وقد وصفه المؤرخ الحضيكي في طبقاته؛ بأنه “كان رجلا صالحا دينا خيرا متعبدا ورعا زاهدا في الدنيا، معرضا عن أهلها طول عمره، ذا دين متين، ويقين وصبر وكرم نفس، وقلب سليم وخلق حميد، وسيرة حسنة، وكان يجهد نفسه في العبادات، ويحفظ كثيرا من الأذكار والأدعية، وقد أهله صلاحه لأن ينتدب من الشيخ التمنارتي لتغيير المناكر في بلده، فقام بواجبه أحسن قيام..“.

نشأ التمنارتي ضمن هذه الظروف تنشئة تيسر له الأسباب الموضوعية للنباهة والتألق وحب العلم وأهله، والتوق إلى ترك البصمة النافعة في مسار الأمة ومشروعها الحضاري، فقد تعهده أبوه بالتربية الدينية منذ صغره، وهو لم يتجاوز بعد السابعة من عمره، فقد تحدث التمنارتي في الفوائد الجمة عن تربيته الأولى- أثناء حديثه عن أبيه- فقال رحمه الله: “علمني وأنا ابن سبع سنين معنى الشهادتين، وقواعد الإسلام، وفريضة الحمد والشكر، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وصفة الوضوء والتيمم، وكيفية أداء الصلاة والاطمئنان فيها، والترسل والسكينة والوقار، وجلسة النبي صلى الله عليه وسلم، على صدور القدمين، وآداب الأكل والشراب والنوم، أنعم وأكرم، وانظر أيها القارئ كيف يستثمر الآباء في الأبناء.. “.

ومعنى هذا أن والد التمنارتي أراد من ابنه أن يجمع بين شرف الفقه، وشرف التصوف، وقد عبر والد التمنارتي صراحة عن هذه الأمنية، عندما خاطب ابنه بقوله: كن فقيها وفقيرا، ولا تكن أحدهما فقط، فيفوتك حميد أخلاق أحد الفريقين، والسلامة في الجمع بينهما، وبذلك أيضا تسلم من مذموم صفات الفقهاء التي منها حب الدنيا، الذي هو رأس كل خطيئة في أخواتها، ومن مذموم صفات الفقراء، التي منها الدعوى في أخواتها، والدعوة رأس كل ضلالة”[1].

بدأت رحلة التمنارتي في طلب العلم سنة: 992هـ، عندما اتجه إلى محروسة تارودانت التي تعتبر إذ ذاك قاعدة سوس الأقصى، كما تعتبر أحد المراكز الثقافية المهمة في المغرب، وقد وجد فيها التمنارتي ضالته المنشودة، فانبرى يلتهم الدروس والمتون، ففي مجالسها، وبين أيدي شيوخها الكبار، تكونت شخصيته العلمية، ونمت مداركه، واتسع أفقه..

ويفيدنا المحقق اليزيد الراضي في مقدمة تحقيق الفوائد الجمة، أنه أثناء إقامة التمنارتي بتارودانت، كان يرحل من حين لآخر، إلى مركزين ثقافيين آخرين، هما مركز إداوزداغ بجبل درن، ومركز تمنارت، ويتلقى منهما ما يتلقى من المعارف، ولذلك يمكن أن نقول بأن المراكز الثقافية التي رحل إليها التمنارتي، وتنقل بينهما لأخذ العلم ثلاثة:

1. مركز تمنارت: ففي هذا المركز تلقى تعليمه الأولي، ولم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما كان يرحل إليه من حين لآخر، بعد أن نزل تارودانت واستقر بها، بهدف زيارة مسقط رأسه، وعهد مراسم السلف هناك، وكان في تلك الزيارات يستغل الفرصة، فيحضر مجالس العلماء، ويأخذ عنهم..

2. ومركز تارودانت: وهذا المركز هو الذي أسهم إسهاما كبيرا في تكوين التمنارتيين من الناحية العلمية؛ لأنه وجد تارودانت عندما رحل إليها، تزخر بكبار العلماء، ووجد مساجدها تكتظ بالمجالس العلمية، فكان يحضر تلك المجالس، ويأخذ عن أولئك العلماء، حتى تضلع من مختلف العلوم الدينية واللغوية، وأصبح مؤهلا لأن يكون عالم تارودانت الكبير وقاضيها المحنك، ومفتيها المرموق، ومؤلفها اللامع في أواخر عصر السعديين..

3. مركز زداغة: وقد اشتهرت زاوية تافيلات -بإداوزداغ- بالتربية والتعليم، خاصة في أيام قيام يحيى الحاحي عليها بعد موت والده، نظرا لطول باعه في العلم، ولاسيما الحديث والتصوف، فجذبت شهرتها أبا زيد التمنارتي، فاتجه إليها كما ذكر في الفوائد الجمة عام 1017هـ، لأخذ الحديث عن يحيى الحاحي، وكان بعد ذلك يقصدها كل عام، في شهر رمضان، لمدارسة الحديث..

وبالرغم من أن علماء المغرب في هذا العهد، اشتهروا بالرحلة لطلب العلم، ورغبة في تنوع مصادر المعرفة، وحبا في ملاقاة العلماء، وطلب الإجازات؛ فإننا لا نعلم للتمنارتي رحلة علمية خارج سوس، ولعل ذلك يعود إلى أنه وجد في تارودانت من العلماء الفطاحل، كسعيد الهوزالي، ومحمد بن الوقاد.. وغيرهما، ما أغناه عن الرحيل إلى مناطق أخرى، فاشتغل بحضور مجالسهم العلمية، والتهام معارفهم، ولم ير حاجة للتوجه إلى درعة أو مراكش أو فاس..

لقد وجد التمنارتي حاضرة سوس، زاخرة بكبار العلماء، مليئة بالمجالس العلمية رفيعة المستوى، فتنقل بين هذه المجالس العلمية الشيقة، يملأ جعبته علما وفنا، ويهيئ نفسه لتبوء مكانة علمية مرموقة تليق بالمقام وترتقي بالهمم، وكان له طموح عريض، وهمة عالية، ورغبة صادقة في الاستفادة والتحصيل، تبعا لذلك نرى من المفيد أن نتعرف على الشيوخ الكبار، الذين كانوا سببا مباشرا في المكانة العلمية التي تبوأها صاحبنا التمنارتي، وقد تحدث عنهم بإسهاب في الفوائد الجمة في سياق حركي حي متمثل في العطاء المستمر مع إبراز الشكل والمحتوى والدال والمدلول والسياق والمقصد بفضل من الله، ولعل هذا أيضا يعتبر إسهاما في التعريف بالحركة العلمية والفكرية ببلاد السوس في هذه الفترة الصعبة من تاريخ المغرب السياسي والثقافي وهؤلاء الشيوخ هم: والده محمد ابن أحمد بن إبراهيم المعافري التمنارتي المتوفى بتارودانت سنة 1007هـ؛ والإمام الخطيب المحدث أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد التلمساني المعروف بابن الوقاد، المتوفى بتارودانت سنة: 1001هـ، قرأ عليه التمنارتي في تارودانت الحديث والفقه والعقائد والتفسير والعربية؛ والفقيه المحقق القاضي أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن إبراهيم الجزولي السملالي العباسي المتوفى بتارودانت سنة: 1007هـ، قرأ عليه التمنارتي في تارودانت الفقه والأصول والعقائد والنحو والبلاغة؛ والفقيه الخطيب أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمرو بن أحمد البعقيلي، الجزولي المتوفى سنة: 1006هـ، قرأ عليه في تارودانت مقدمات علم النحو والعقائد وأوائل الكتب وعلم الإعراب والتصريف؛ وأبو عبد الله محمد بن مبارك السوسي التيوتي المعروف بأشخن، المتوفى سنة 1015هـ، قرأ عليه في تارودانت الفقه والنحو والعقائد والمنطق والقراءات وعلم المصطلح؛ والفقيه أبو محمد عبد الله بن علي بن حمزة الجزولي السملالي حضر التمنارتي دروسه في البداية وانتفع به؛ والفقيه العلامة القاضي سعيد بن علي الهوازلي السوسي، المتوفى بتارودانت سنة 1001هـ، قرأ عليه التمنارتي في تارودانت الأصول والتفسير والعربية والتصوف؛ والفقيه الأديب الفرضي اللغوي أبو زيد عبد الرحمان بن عمرو بن أحمد الجزولي البعقيلي، المتوفى ببلده بعقيلة سنة 1006هـ، قرأ عليه في تارودانت النحو والعروض والتوقيت؛ وأبو علي منصور بن محمد بن يوسف بن محمد السوسي المومني، المتوفى ببلده بني مومن بسوس سنة 1000هـ، قرأ عليه في تارودانت الفقه والأصول والبلاغة والعقائد والمنطق؛ والفقيه المشارك أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن يدير التملي المتوفى سنة 1003هـ، حضر دروسه سنة كاملة في الفقه والعربية والعقائد والأصول والبيان؛ والفقيه الأديب اللغوي أبو عبد الله محمد بن علي السوسي الهوزالي المعروف بالنابغة المتوفى بمراكش سنة 1012هـ، قرأ عليه صحيح البخاري؛وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن موسى الجزولي التمنارتي، المتوفى بتمنارت سنة: 1039هـ، أخذ عنه الحديث؛  والفقيه أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم التمنارتي المتوفى سنة 1048هـ، حضر دروسه في الفقه والأصول والعربية؛ و أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الكريم الضرير التمنارتي المتوفى سنة 1048هـ، سمع منه بعض المواعظ والحكم؛ والفقيه أبو عبد الله محمد بن أحمد الجزولي الرسموكي المشهور بواخو، نزيل تمنارت المتوفى سنة 1016هـ، كان يحضر دروسه في الفقه والعربية والحساب والعقائد والتصريف، إذا زار بلدته تمنارت؛ والفقيه المحدث أبو العباس أحمد بن أحمد ابن الفقيه الحاج أحمد بن عمر بن محمد أقيت الصنهاجي السوداني المتوفى بمسقط رأسه تمبوكتو سنة 1036هـ أجازه بالمراسلة؛والفقيه الزاهد المتورع أبو العباس أحمد بن مسعود الهوزالي المتوفى سنة 1030هـ، صحبه التمنارتي، وانتفع به، وأبو زيد عبد الرحمان بن محمد بن الوقاد التلمساني المتوفى بتارودانت سنة 1057هـ، سمع منه، صحيح البخاري وأجازه ؛ والفقيه المحقق أبو مهدي عيسى بن عبد الرحمان السجتاني السوسي، المتوفى بمراكش سنة 1062هـ، حضر دروسه في الأصول والفروع وغيرها أيام ولايته لقضاء الجماعة بسوس؛ والأستاذ أبو عمران موسى بن أحمد التدماوي المتوفى سنة 1003 هـ، أخذ عنه علم القراءات في تارودانت؛ والأستاذ أبو علي الحسن بن إبراهيم الخالدي السجتاني المتوفى سنة 1030هـ، أخذ عنه علم القراءات في تارودانت؛ والأستاذ أبو العباس أحمد بن يحيى السوسي التينزرتي المتوفى بمكة سنة 1030هـ، أخذ عنه علم القراءات في تارودانت؛والأستاذ إبراهيم بن سليمان الهشتوكي المتوفى عن سن عالية في صفر سنة 1058هـ، أخذ عنه علم القراءات؛ والأستاذ المحقق أبو عبد الله محمد بن علي الجزولي الأنسوي الكفيف، المتوفى بزاوية زداغة سنة 1009هـ؛ والأستاذ أبو عبد الله محمد بن علي السجتاني المعروف بالفاسي المتوفى سنة 1050هـ، قرأ عليه صدرا من الشاطبية وأوائل الأصول. وإلى جانب شيوخ التعليم هؤلاء، هناك شيوخ له في التربية، أو الطريقة، ذكرهم في الفوائد الجمة، وهم:أبو محمد عبد الله بن سعيد بن عبد المنعم الحاحي، المتوفى بزداغة سنة 1012هـ، حضر التمنارتي مجلس تذكيره مرة واحدة؛ وأبو زكرياء يحيى بن عبد الله بن سعيد بن عبد المنعم الحاحي، المتوفى سنة 1035هـ، قرأ عليه بزداغة كتب الحديث والتصوف؛والشيخ أبو عبد الله محمد بن مسعود الهنظيفي المعروف بـ أكربان المتوفى سنة 1012هـ، حضر التمنارتي مجلسه يوما بهنظيفة؛ وأبو عبد الله محمد بن عثمان بن إبراهيم الجزولي التمنارتي المتوفى سنة 1016هـ، وهو الذي أرشد صاحبنا التمنارتي –في إشارة حضارية ذوقية إنسانية- لتفقد مراسم سلفه بتمنارت؛ و أبو محمد عبد الله بن المبارك بن علي ابن الوالي الصالح البركة أبي عبد الله محمد بن المبارك السوسي الأقاوي، المتوفى سنة 1015 هـ، زاره التمنارتي في بلده عام 1015هـ، وقرأ عليه كتب الحديث والتصوف؛ يقول ليزيد الراضي في مقدمة تحقيق الفوائد الجمة (ص: 23-24): “هؤلاء هم شيوخ التمنارتي، الذين ترجم لهم في الفوائد الجمة، وهم شيوخ كبار، وعلماء وأساتذة أفذاذ، استقوا معارفهم من مختلف الجهات، فأوى معظمهم إلى تارودانت، وكونوا فيها مركزا ثقافيا، لا يقل أهمية عن بقية المراكز الثقافية في المغرب إذ ذاك، بل عن تارودانت لم تبلغ قبلهم ولا بعدهم مثل ما بلغته في عهدهم، من ازدهار علمي، ونشاط فكري وأحر بمن كان هؤلاء شيوخه، ولا زم مجالسهم بصدق طلب، وقوة عزيمة، أن يطول باعه في المعارف، وترسخ قدمه في العلوم العربية والإسلامية، وتتسع مجالات ثقافته لتشمل كل العلوم الرائجة، والفنون المتداولة..

والله الموفق للخير والمعين عليه …

يتبع….

—————————

1. انظر مناقب الحضيكي، ج: 2، ص: 73.

أرسل تعليق