Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

أبو الحسن الشّاري السبتي

      ظلت مدينة سبتة، على امتداد تاريخها المغربي الإسلامي دار علم وحضارة، وأحد مراكز الثقافة العربية الإسلامية الكبرى في الغرب الإسلامي، لِما أبدعه أعلامها من نتاج علمي، ولما ساهموا به من معرفة في مختلف ميادين الثقافة الإنسانية.. وفي إطار التعريف بعلماء هذه الحضرة السبتية المباركة، ودورهم العلمي والفكري في تاريخ الغرب الإسلامي نتعرف في هذه الحلقة على عالم أندلسي سبتي هو الفقيه المحدث أبو الحسن الشاري الغافقي السبتي…

      هو الإمام الحافظ المقرئ المحدث شيخ المغرب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى الغافقي الشاري ثم السبتي.. وشارة : بلدة من عمل مُرسية، وبها أصل علامتنا ومحتدّه، وسبتة مولده وموضع نشأته..

      قال تلميذ أبي الحسن الشاري أبو جعفر ابن الزبير في “صلة الصلة” عن أستاذه: “ولد في خامس رمضان سنة إحدى وسبعين وخمس مائة (571هـ)، وأخذ عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري ولازمه، فتلا عليه ختمة بالسّبْع، وأخذ القراءات أيضا عن أبي بكر يحيى بن محمد الهوزني في ختمات، والمقرئ محمد بن حسن بن الكمّاد، إلا أنه اعتمد على ابن عبيد الله لعلو سنده، وقرأ عليه “الموطأ” وسمع عليه الكتب الخمسة سوى يسير من آخر كتاب مسلم، وسمع منه أيضا “مسند أبي بكر البزار الكبير”، و”السير” تهذيب ابن هشام (يقصد السيرة). وحمل عن أبي عبد الله بن غازي السبتي، وأبي ذر الخشني، وأيوب بن عبد الله الفهري.. وقرأ على أبيه أشياء، وتلا عليه بالسبع..”.

      وينص العلامة ابن القاضي في “جذوة الاقتباس” كذلك على ميلاد أبي الحسن الشاري السبتي، كما ينص على تاريخ انتقال والده من شارة إلى سبتة وهو سنة 562 هـ.. ويستنتج الأستاذ عبد القادر زمّامة في مقاله “أبو الحسن الغافقي الشاري، مجلة المناهل، عدد 24، يوليو 1982” من هذا التاريخ أنه إذا كان أبو الحسن الشاري قد ولد بسبتة عام 571هـ، فمعنى ذلك أنه ولد بعد أن أقامت أسرته بهذه المدينة ما يقرب من تسع سنوات.. وذلك على عهد الملك الموحدي يوسف بن عبد المؤمن بن علي.. ولا يخفى أن عصر هذا الملك الموحدي المثقف كان عصر ازدهار العلم والثقافة والتأليف بالمغرب، وقد تدعمت الحركة الفكرية وأينعت في عهد ابنه يعقوب المنصور، وكانت سبتة -حررها الله-  من الحواضر العلمية الكبرى خلال هذه الفترة من تاريخ مغربنا الفكري..

      يقول عبد القادر زمّامة في مقاله عن أبي الحسن الشاري: “نشأ أبو الحسن في سبتة  نشأة علمية يرعاه والده وأساتذته، ويجد في حلقات الدروس وخزائن الكتب واللقاءات العلمية التي تمت في هذه المدينة على عهد يعقوب المنصور الموحدي وابنه الناصر ما يدفعه إلى استيعاب عدة فنون، والاستفادة من عدة شيوخ.. والمعرفة إذ ذاك متشابكة متداخلة فيها الحديث برواياته وطبقات رجاله. والقرآن الكريم بقراءاته وطبقاته وقرائه، والنحو واللغة والفقه والكلام.. وطالبُ هذه العلوم يجتهد ليربط سنده فيها بالأعلام المبرزين أينما كانوا.. وينال إجازاتهم..”.

      وقائمة شيوخ أبي الحسن الشاري نجدها مفصلة عند تلميذه ابن الزبير في كتابه “صلة الصلة”، وعند لسان الدين ابن الخطيب في “الإحاطة في أخبار غرناطة”، وفي قسم “الغرباء” من كتاب “الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة” لابن عبد الملك المراكشي، وعند ابن القاضي في “جذوة الاقتباس”..

      يقول ابن الزبير في “صلة الصلة” عن شيخه أبي الحسن الشاري :”ولازم بفاس الأصولي أبا عبد الله محمد ابن علي الفندلاوي الكتاني، وتفقه عنده في علم الكلام وفي أصول الفقه وعلى جماعة بفاس، وسمع بها من عبد الرحيم بن الملجوم، ولازم في العربية ابن خروف، وأبا عمرو مرجى المرجيقي، وأبا الحسن بن عاشر الخزاعي، وأجاز له أبو القاسم بن حبيش، وأبو زيد السهيلي (دفين مراكش، صاحب الروض الأُنُف)، وأبو عبد الله ابن الفخار، ونجبة بن يحيى. وكان آخر من حدث عن ابن عبيد الله، وآخر من أسند عنه السبع تلاوة بالأندلس وبالعدوة…”.

      كما أن قائمة تلاميذ أبي الحسن الشّاري الذين أخذوا عنه أو استفادوا منه بطريق الرواية أو الإجازة طويلة، ومنهم عدد كبير من أهل المغرب والأندلس على رأسهم العلامة الفقيه المؤرخ ابن الزبير.. وقد كان مقام أبي الحسن الشاري بسبتة وفاس، ومالقة وغرناطة، وقد ترك آثارا طيبة في كل المدن المغربية والأندلسية..

               وتلك آثارنـا تدل علينــا          فانظـروا بعدنـا إلى الآثـار

      ويضيف العلامة ابن الزبير في “صلة الصلة”: “وكان ثقة، متحريا، ضابطا عارفا بالأسانيد، والرجال والطرق، بقية صالحة وذخيرة نافعة، رحلت إليه فقرأت عليه كثيرا، وتلوت عليه، وكان منافرا لأهل البدع والأهواء، معروفا بذلك، حسن النية، من أهل المروءة والفضل التام والدين القاسم، منصفا، متواضعا، حسن الظن بالمسلمين، محبا في الحديث وأهله، كان يجلس لنا بمالقة نهاره كله إلا القليل، وكنت أتلو عليه في الليل لاستغراق نهاره، وكان شديد التيقظ مع شاخته وهرمه، ما امتنع قط عمن قصده، ولا اعتذر إلا من ضرورة بينة، وكان قد تحصل عنده من الأعلاق النفيسة وأمهات الدواوين ما لم يكن عند أحد من أبناء عصره، وبني مدرسة بسبتة، ووقف عليها الكتب.. فعاق عن ذلك قواطع الفتن الموجبة لإخراجه عن سبتة وتغريبه، فدخل الأندلس في سنة إحدى وأربعين وست مائة (641هـ) فنزل المرية فبقي إلى سنة ثمان وأربعين، وأخذ عنه بها عالَم كثير، وأقرأ بها القرآن، ثم قدِم مالقة في صفر سنة ثمان. وحدث بغرناطة، وأخذ عنه بمالقة جلة، كأبي عبد الله الطنجالي، والأستاذ حميد القرطبي، وأبي الزهر بن ربيع”.

      وقال الذهبي في “سير أعلام النبلاء” عن أبي الحسن الشاري : “وكذلك عظّمه وفخّمه أبو عبد الله ابن الابّار في “التكملة لكتاب الصلة” (النسخة الأزهرية، ج: 3)، قال: شارك في عدة فنون، مع الشرف والحشمة والمروءة الظاهرة، واقتنى من الكتب شيئا كثيرا، وحصل الأصول العتيقة، وروى الكثير، وكان محدث تلك الناحية… ومن مسموع ابن الزبير كتاب “السنن الكبير” للنَّسائي من أبي الحسن الشاري بسماعه لجميعه من ابن عبيد الله، حدثنا أبو جعفر البطروجي، أخبرنا ابن الطلاع، أخبرنا ابن مغيث، أخبرنا محمد بن معاوية ابن الأحمر عن النسائي. قال ابن رُشيد: أحيا الشاري بسبتة العلم حيا وميتا، وحصّل الكتب بأغلى الأثمان، وكان له عظمة في النفوس رحمه الله. قال ابن رشيد: حدث عنه شيخنا أبو فارس عبد العزيز بن إبراهيم بـ”البخاري” سماعا عن رجاله منهم: ابن عبيد الله سماعا،عن شريح قال: ورواه شيخنا أبو فارس عن أبي نصر الشيرازي إجازة عن أبي الوقت.. وحكى لي أبو القاسم ابن عمران الحضرمي عن سبب إخراج الشاري من سبتة أن ابن خلاص وكبراء أهل سبتة عزموا على تملك سبتة لصاحب إفريقية يحيى ابن عبد الواحد، فقال لهم الشاري: يا قوم خير إفريقية بعيد عنا وشرها بعيد، والرأي مداراة ملك مراكش. فما هان على ابن خلاص، وكان فيهم مطاعا فهيأ مركبا، وأنزل فيه أبا الحسن الشاري وغرّبه إلى مالقة، وبقي بسبتة أهلُه ومالُه.. وله بسبتة مدرسة مليحة كبيرة..”..

      وأود هنا أن أشير إلى أن المدرسة التي أسسها أبو الحسن الشاري بمدينته سبته تعتبر الأول من نوعها في المدينة، وقد بناها علامتنا من ماله الخاص، ووقف عليها مكتبة زاخرة ضمت أعلاقا ونفائس كما أعلمنا بذلك تلميذه ابن الزبير في كتابه “صلة الصلة”… وقد كانت هذه المدرسة المباركة باعثا لاحتضان مدينة سبتة لمراكز علمية متعدّدة، من مساجد وجوامع وكتاتيب ورباطات؛ بحيث كانت سبتة سباقة إلى تبني ما يعرف في التاريخ المغربي بـ “مؤسسة المدرسة”، وذلك قبل أن يعمِّمها ويرسِّمها الملوك المرينيُّون في القرن الثامن الهجريّ/الرابع عشر الميلاديّ. ولا شك أن من بين المعالم التي ينبغي أن تفخر بها المدينة بحق، “المدرسة الشاريّة” التي بناها  العالم أبو الحسن علي الغافقي الشاري سنة 635 هـ/ 1238 م ووقفها على أهل العلم (ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة، السفر الثامن، تحقيق محمد بن شريفة، الرباط، 1984، ص. 197). وهي تُعد أول مدرسة خاصة في التاريخ الفكري للغرب الإسلامي… وقد ذكر هذه المدرسة العالم الاسباني  برخيليو مارتنيث إينامورادو في كتابه النقوش الكتابية والسلطة: “الكتابات العربية بالمدرسة الجديدة بسبتة”، الذي عرف به الأستاذ محمد الشريف في مجلة  التاريخ العربي (عدد 27، صيف 2003)، وجاء حديث العالم الاسباني عن مدرسة  أبي الحسن الشاري في إطار التأريخ لمدراس سبتة وصولا إلى مدرسة أبي الحسن المريني التي تعمق في دراسة مآثرها ونقوشها…

      وذكر عبد القادر زمامة في مقاله حول أبي الحسن الشاري: “ونحن نعلم أن أبا الحسن بنى في سبتة مدرسة علمية من ماله الخاص.. وأوقف عليها عددا من الكتب لينتفع طلبة العلم بها.. وهذه مبرّةٌ تذكر فتشكر.. وقد ذكر هذه المدرسة ابن الزبير في “صلة الصلة”، وابن الخطيب في “الإحاطة”، وصاحب “اختصار الأخبار فيما كان بسبتة من سني الأخبار ” محمد بن القاسم الأنصاري السبتي..”وقد أفادنا ابن الخطيب في “الإحاطة في أخبار غرناطة” أن أبا الحسن الشاري السبتي جلس سنة 635هـ بمدرسته  لرواية الحديث..

      وذكر العلامة عبد العزيز بن عبد الله في كتابه الوقف في الفكر الإسلامي (مطبعة فضالة، 1996) أن:  “أقدم الخزانات الموقوفة على طلاب العلم -في العصر الموحدي- خزانة الشيخ أبي الحسن الشاري الغافقي بمدينة سبتة، وقفها بالمدرسة التي بناها بماله، وهي أول خزانة وُقِفت بالمغرب على طلاب العلم..”، وثمة إشارة أخرى نستشف منها شهرة خزانة صاحبنا أبي الحسن الشاري، ذكرها العلامة الزركلي في “الأعلام (4/333)، قال: “وفي الصفحة الأخيرة من مخطوطة السفر الثامن من “المحكم” لابن سِيده (نسخة حسن حسني عبد الوهاب): تم السفر الثامن . . المستنسخ لخزانة الفقيه أبي الحسن علي بن الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي الغافقي الشاري أدام الله كرامته ومبرته…”.

      وينوّرنا العلامة عبد القادر زمّامة بخبر نفيس مفاده أن “الإفادة التي أفادنا بها جلال الدين السيوطي في كتابه “المزهر”(ج1، ص: 87. ط. القاهرة 1958. وانظر أيضا عبد الحي الكتاني، فهرس الفهارس، ج2، ص: 251)، حيث نقل نقلا علميا في موضوع كتاب “العين” للخليل ومختصره للزبيدي عن “فهرسة” أبي الحسن الشاري.. ويظهر من صنيع السيوطي أنه نقل من فهرسة الشاري مباشرة.. ولكننا لحد الساعة لا نعلم لهذه الفهرسة مقرا ولا مستقرا. فلعلها محجوبة عنا إن لم تكن ضاعت في الضائعات، وهي ولا شك إن وجدت من أفيد المصادر عن الحالة العلمية في عصر الموحدين، وعن ترجمة أبي الحسن نفسه..”.

      لكني أريد هنا أن أضيف إلى ما تفضل به أستاذنا عبد القادر زمّامة ما ورد عند الزركلي في “الأعلام”، 4/333..) في ترجمته  لأبي الحسن الشاري: “وبذل في سبيل نفائس الكتب أموالا طائلة بقي كثير منها وعليه خطه في مدرسة ابتناها بسبتة. ونقل من سبتة (641 هـ) إلى المرية وصنف ‘فهرسة’ لسماعاته ورواياته. ورحل إلى فاس فأجيز وأجاز وسمع عليه علماؤها صحيح البخاري بقراءة الرعيني. (ابن الفخار) إلا قليلا منه (سنة 638) وأكمله في سبتة (639) وتوفي بمالقة”.. وهذا يدل على أن “فهرسة” الشاري ذكرت في أكثر من موضع، ولا شك أن العثور عليها سيعتبر فتحا علميا ينير لنا جوانب مفصلية في التاريخ الفكري لمدينة سبتة، وللحركة العلمية في الغرب الإسلامي بشكل عام…

      وتجدر الإشارة إلى رحلة أبي الحسن الشاري إلى حاضرة فاس من أجل ملازمة أعلامها وشيوخها.. وقد تتبع هؤلاء الشيوخ ابن الزبير وابن القاضي وابن الخطيب.. ولا ندري الفترة التي قضاها أبو الحسن الشاري بمدينة فاس، إلا أن الأستاذ عبد القادر زمّامة يرجح أنها كانت طويلة نسبيا بما مكّن صاحبنا أبا الحسن من جمع الروايات والإجازات والكتب والأعلاق والنفائس التي قال عنها تلميذه ابن الزبير في “صلة الصلة”: “وكان قد تحصل عنده من الأعلاق والنفائس وأمهات الدواوين العلمية ما لم يكن عند أحد من أبناء عصره ولا تحصل عند كثير ممن تقدمه…”، وهذا يدل أن أبا الحسن الشاري كان يعد نفسه ليصبح مصدرا ومرجعا عند من يبحثون عن أمهات المخطوطات وأصولها..

      ولا ندري هل سافر أبو الحسن الشاري إلى المشرق أم لا؟ وحين يذكر مترجموه لقاءه بشاعر الدولة الموحدية أبي العباس الجراوي لا ندري أين تم اللقاء بينهما؟ ونفس الشيء بالنسبة للرحالة ابن جبير؟

      ويشير عبد القادر زمامة في مقاله حول “أبي الحسن الشاري”: “أن ابن الزبير ينقل عن أستاذه أبي الحسن الشاري فيما يرجع لرحلة ابن جبير الشهيرة شيئا غريبا، وهو أن ابن جبير لم يكتب رحلته، وإنما قيد حاصلها من ذكر المراحل والانتقالات وأحوال البلاد لنفسه تقييدا لم يقصد به التأليف فرتبه من أخذ عنه..”، وتجدر الإشارة أن الفيلسوف الصوفي ابن سبعين نزل سبتة، وأسس زاوية واجتمع عليه التلاميذ فيها في نفس الفترة التي كان فيها أبو الحسن الشاري يدرس العلم بمدرسته.. وقد تحدث عن هذا الأمر البادسي في “المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف”…

      وبسبب الظروف السياسية الصعبة التي عرفها المغرب بعد هزيمة الموحدين في معركة العِقاب الشهيرة سنة 609هـ/1212م اضطربت الأحوال بسبتة، وقد عاش الغافقي ظروفا صعبة تم غُرِّب إلى الأندلس.. ويذكر تلميذه ابن الزبير هذا التغريب ويؤرخه بسنة 641هـ، ويزيد ابن الخطيب الأمر وضوحا بقوله في “الإحاطة”: غربه أمير سبتة اليانشتي الملقب بالواثق بالله.. غاصا به لجلالته وأهليته، وكونه قد عرضت عليه فأباها، فدخل الأندلس في شعبان عام 641هـ، وقد بلغ سن السبعين..” لكن العلامة عبد القادر زمّامة يستدرك على نص ابن الخطيب بقوله : “ويظهر أن كلام ابن الخطيب فيه شيء من عدم الدقة. وذلك أن الياشنتي ولاه أهل سبتة الأمر سنة 630 هـ، لكنهم خلعوه سنة 635هـ، ورجعوا إلى بيعة الرشيد الموحد فولى عليهم ابن خلاص.. وسنة تغريب أبي الحسن عند كل من ابن الزبير وابن الخطيب هي سنة 641هـ كان ابن خلاص فيها هو حاكم سبتة لا الياشنتي.. وبمقارنة ما قاله ابن الخطيب في “الإحاطة” وما قاله ابن الزبير معاصر وتلميذ أبي الحسن الشاري في “صلة الصلة” ندرك أن الذي غرب أبا الحسن الشاري هو ابن خلاص وليس الياشتني.. “وقد أثرت هذه المسألة العلمية رغبة في التنبيه إلى الخلط الذي وقع فيه العلامة ابن الخطيب تجنبا للنقل غير الدقيق عنه في هذه المسألة…

      المهم أن صاحبنا غُرب إلى الأندلس، وأبعد عن مدينته سبته تاركا ورائه مدرسته وتلاميذه… ودخل أول الأمر بألمرية فأخذ عنه من أهلها عالَم من الناس كما يقول ابن الخطيب في “الإحاطة”، ومكث بها إلى سنة 648هـ ثم انتقل إلى مالقة.. ودخل غرناطة قبل أن يعود إلى مالقة التي سيتوفى بها سنة 649هـ، وكان يروم العودة إلى سبتة…

      ومن أجل دخوله الأندلس ترجمه ابن عبد الملك في “الغرباء”، ومن أجل دخوله غرناطة ترجمه لسان الدين ابن الخطيب في “الإحاطة”، ومن أجل سعة علمه وروايته ترجمه تلميذه ابن الزبير ترجمة حافلة في “صلة الصلة”.. قال ابن الزبير: توفي أبو الحسن رحمه الله بمالقة في التاسع والعشرين من رمضان سنة تسع وأربعين وست مائة (649هـ) . رحمه الله، وأعاد سبتة إلى سابق مجدها..

     والله الموفق للخير والمعين عليه..

أرسل تعليق