Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مبادئ وقيم نستوحيها من الهجرة

      قال الله  تعالى في كتابه العزيز في حديثه عن هجرة محمد صلى الهَ عليه وسلم: “اِلا تنصروه فقد نصره الله إذَ اَخرجه الذين كفروا ثاني اَثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن اِن الله معنا” [التوبة، 40].

      ذلك كان عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في سبيل الله والدعوة للدين، بعدما بلغت مرحلة الكفاح مع المشركين ذروتها القصوى، وأحاط به الأعداء من كل جانب فلم ييأس ولم يقنط؛ لأن الله معه والحق في جانبه، ومن آمن برسالته واقتنع بحقه أيده الله بروح منه، وأنزل عليه سكينته، فيطمئن قلبه، ويسكن فؤاده..

      كانت هجرة الرسول من مكة إلى المدينة درسا بليغا في مقدار المشقة والكفاح والصبر والتحمل من الرسول في سبيل الرسالة الإلهية، ظهرت منها شخصيته عليه الصلاة والسلام ورجولته القوية وتضحيته وصبره وتحمله في المضي في طريقه الذي اقتنع بالسير فيه، والدعوة التي آمن بها. فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: “لَوْ رَأَيْتِنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ الْغَارَ، فَلَمَّا صَعَدْنَا فِي الْجَبَلِ تَفَطَّرَتْ رِجْلا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمًا، وَأَمَّا رِجْلايَ فَكَانَتَا كَأَنَّهُمَا صَفَاةً، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَعَوَّدْ مِنَ الشَّقَاءِ مَا تَعَوَّدْتَ أَنْتَ”… فهاهو رسول الله يمشي حافيا حتى تدمى قدماه، ويتحمل هذه المشقة البالغة، وهذا التعب المضني رابط الجأش، سكن الفؤاد لا يحزن ولا ييأس؛ لأنه مؤمن يدعو إلى حق، ويدافع عن حق، وإن كلمة الباطل هي السفلى.

      ومن حكمة الله أنه يختار لرسالته رسلا للاضطلاع بالدعوة الإلهية بعد أن يتمرسوا بالصبر وتحمل المشاق، لم تشغل نفوسهم متع الحياة ولم تتسع قلوبهم لأسبابها الرخيصة فتشغلهم عن أهدافها الكبرى أو تضعف من همتهم في الاضطلاع بمهمتهم النبيلة.

      ومن الحق أن طبيعة البلد الذي نزل فيه الوحي واختار الله فيها رسوله للدعوة الإسلامية كان بلدا تقسو فيه الحياة، ويصعب فيه العيش، وتجفوا فيه سبل الراحة والبقاء إلا بمن أوتي قسطا من قوة الإيمان وقوة الروح في ملابسة الحياة.

      إن قوة الصبر والكفاح هي سر التقدم والنجاح كما يقول الله تعالى: “وما يلقيها إلا الذين صبروا وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم” [فصلت، 34]. فلا غرو أن تمر بالرسول هذه المواقف الصعبة في الكفاح والتحمل حتى يكون ذلك ذخرا له عند الحاجة، وأسوة لأصحابه وأمته في الجهاد وصدق العزيمة.

جريدة الميثاق، العدد 823، الخميس 03 محرم 1419هـ الموافق لـ 30 أبريل 1998، السنة الواحد والثلاثون.

أرسل تعليق