وعودا على بدء؛ فإن كل مرحلة من هذه المراحل، تتفرع عنها عدة عناصر سأحاول ذكرها بإيجاز.

من الناحية النفسية: فالأطفال يأتون إلى الكتاب أو القسم من المستوى الأول للتعليم الأساسي، ولهم فوارق فردية متعددة، سواء من الناحية الجسدية، أو العقلية، أو النفسية، أو التربوية، فبعض منهم متزنون، والبعض منهم يكون مضطربا خائفا وجلا خجولا. ومن الواجب العناية بهم، وأن نعالجهم، وأن نشبع حاجياتهم النفسية، حتى يحيوا مع أقرانهم حياة مستقرة، وأن لا تعوقهم تلك الحالات عن التربية والتعليم وهذه الحاجات أجملها في ما يلي:

إن الطفل في حاجته إلى المحبة، كحاجة الأزهار إلى الضوء والشمس، فحرمانه من المحبة سواء من مربيه أو من أهله، تجعله أن يحيا حياة تعسة، فقد يصبح في مستقبله عبئا على نفسه، وعلى مجتمعه معرضا للقلق، والشك، واليأس، كارها لكل إنسان، قاسي الطبع متحجر القلب، منكمشا على نفسه وعلى مجتمعه، صعب التكيف مع بيئته، أما الطفل المحاط بالمحبة من طرف الأبوين ومربيه فسيكون رجلا في مستقبله، يحب نفسه والناس والحياة، ويبدي استعداده لكل عمل أو تعاون مع غيره، وكلما كانت المعالجة للطفل مبكرة كانت الفائدة أوفر، فمن الواجب علينا كمربين وآباء، أن نجعل الأطفال يشعرون بأننا نحبهم لأنفسهم، لا لسلوكهم الحسن، أو لما يقومون به من أعمال، وأن نعالج هفواتهم برفق وهدوء..

والأطفال في أمس الحاجة أيضا إلى رضا الأقران، ومن رضا الناس الكبار، والراشدين، وأصحاب السلطة، وإلى تقدير أعمالهم من الغير؛ لأن التقدير يحفزهم على العمل ويدفعهم إلى بذل الجهد والعطاء في سبيل التربية والتعليم، أو للتكييف مع المجتمع والتقدم..

والأطفال في حاجة إلى احترام ذاتهم، فيشعرون بأن لهم قيمة وجديرون بالاحترام، كما أنهم في حاجة على الاعتماد على أنفسهم، فمن واجبنا أن نوفر لهم تدريجيا فرص الاعتماد على النفس، والاستقلال عمن هم أكبر منهم سنا، وذلك حتى يستطيعوا غيابهم عن أهليهم يوما كاملا وغير ذلك..

الناحية الرابعة: التي تعد الطفل للقراءة والكتابة إعدادا تربويا: هي أن الأسس التربوية في التعليم تعتبر تتمة للأسس النفسية أو نتيجة لها. فالأطفال يذهبون إلى الكتاب أو المدرسة الابتدائية المستوى الأول، وكل منهم يحمل مشكلاته الخاصة وقابليته، ومواهبه، وفضائله، وأعراضه، وعقده النفسية التي ينفرد بها عن غيره من أقرانه فهذا طفل يعيش في جو بيتي صالح منحه المحبة وعلمه الثقة بنفسه، وصانه من الخوف، وجعله قادرا على الالتئام مع الجماعة، وزوده بالخبرة والمعارف الأولية، وحرس على سلامة نطقه وكلامه..

 ذ. مومني شريف وزان

يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..

ميثاق الرابطة، العدد 798 الخميس 5 رجب 1418هـ الموافق 6 نونبر 1997م، السنة الثلاثون.