Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

شيوخ التربية ..المهام والفاعلية في المجتمع المغربي

      2. تحقيق الوحدة الوطنية

      كما أسلفنا، جاء الإسلام ليعزز قيم الوحدة والتضامن والتآخي بين أفراد المجتمع بل بين الإنسانية جمعاء، وأبطل جميع الفوارق وأذابها، فأعزَّ الله الناس بالدين بعد الذل والهوان، ونصرهم بعد الهزيمة والخذلان، وألَّف بين قلوبهم فصاروا عباد الله إخوانا، يقول الله تبارك وتعالى: “لَوْ اَنْفَقْتَ مَا فِي الاَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” [الاَنفال، 64]. فاجتمع الناس على كلمة واحدة، وصاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، قال تعالى مذكرا عباده بهذه الرحمة التي تستوجب الشكر: “وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” [اَل عمران، 103].

      وهناك نصوص كثيرة تحثُّ المسلمين على ضرورة الاتحاد ولَمِّ الشمل، من أجل ضمان تماسك المجتمع والحفاظ على أمنه واستقراره، فالاتحاد قوة وبه تكون الأمة مرهوبة الجانب، مهيبة الحمى، قوية السلطان.

      والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المضمار هو: كيف ساهم التصوف والصوفية في تحقيق الوحدة؟

      من المعلوم أن ما تعانيه الأمة الإسلامية اليوم من انقسام وحروب فيما بينها ناتج عن ابتعادها عن القيم الأخلاقية، وتفشي واستفحال الأمراض القلبية التي هي سبب كل شرّ وفُرقة، وهنا قد يتساءل البعض كيف يمكن للأمراض القلبية أن تساهم في تمزيق الوحدة؟

      فالحديث عن هذا الموضوع طويل ويحتاج إلى سِفْرٍ خاص، لكن سنعطي مثالا واحدا يبين المقصود، فمثلا مرض الحسد وهو كراهة حصول النعمة لغيرك ومحبة زوالها عنه، فالمصاب بهذا المرض لا يتورع عن الكيد لخصمه بصنوف من المكايد وضروب من المصايد، ويتمخض عن ذلك نشوب صراعات، قد تمتد وتتطور لتمس أسرتيهما، وفي بعض الأحيان تمتد فتمس القبيلة أو كتلة معينة حسب التحالفات، فتشتعل نيران الفتنة بين الأهالي، وهذا مُشاهد كثيرا في واقعنا، فيه ما فيه من استشراء روح العداوة والبغضاء ونفثها في صدور الأفراد بل والمجتمع، ولا يخفى ما ينتج عن ذلك من تأثيرات سلبية على وحدة المجتمع وتماسكه.

      ومن هنا نفهم لماذا ركز الصوفية على إصلاح القلب وتزكية النفس، وجعلوا مشروع إصلاحهم ينطلق منهما، كما وسبق في المقالات السابقة.

      فعمل الصوفية ينطلق من إصلاح الفرد، ففي صلاح الفرد صلاح المجتمع، وذلك بزرع قيم المحبة والتسامح والتعاون في قلبه، والتأكيد على أن العدو الحقيقي للإنسان هو الشيطان ونفسه التي بين جنبيه، حيث يسعى جاهدا لتزكيتها وتحليتها بالفضائل وترك الرذائل.

      كما اهتم الصوفية بالإصلاح بين الجماعات المتناحرة وردها إلى الطريق الأعدل والصراط الأقوم، عملا بقوله تعالى: “وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُومِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ اِحْدَاهُمَا عَلَى الاُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” [الحجرات، 9].

      وكل ذلك إنما هو بهدف تحقيق أمن واستقرار المجتمع، وضمان الرُقي والازدهار لهذه الأمة.

يتبع..

التعليقات

  1. سعيد المومني

    السلام عليكم
    جازاك الله خيرا

  2. عبد الرحيم

    الوحدة هي السبيل الوحيد لحل كل الازمات الراهنة

  3. عبد الرحيم سليم

    شكرا لك أستاذ على هذا المقال الجيد الذي يهتم بأهمية التضامن والوحدة الإسلامية خاصة في هذه الآونة التي تعرف صراعات مختلفة.. فقد أخرج الطبري عن ابن عباس في قول الله تعالى: وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [اَل عمران، 105]، قال: في هذا ونحوه من القرآن أمرَ الله جل ثناؤه المؤمنين بالجماعة فنهاهم عن الاختلاف والفرقة وأخبرهم أنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.

  4. فاطمة

    فالاعتصام بحبل الله وحده مطلب شرعي أمر الله به عباده المخلصين بقوله: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" [آل عمران، 3]
    وفي صحيح مسلم ٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ".
    قال الله عز وجل: "إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10]، وقال جل وعلا: فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ" [الأنفال:1].

أرسل تعليق