Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

شيوخ التربية.. المهام والفاعلية في المجتمع المغربي

4. الجهود العلمية

اعتنى الصوفية المغاربة بالعلوم المختلفة، وعملوا على حفظها ودراستها، وتدريسها ونشرها، وكانت للزوايا وما تزال آثار مجيدة ومفاخر عظيمة في الحفاظ على هذه العلوم، واحتلت العلوم الشرعية المرتبة الأولى من حيث الاهتمام، كعلم العقيدة وعلوم القرآن وعلوم الحديث، كما اهتموا بجمع الكتب ونوادر المخطوطات فأسسوا مكتبات ضخمة واهتموا بتشييد المدارس والمعاهد، ومحل سكنى الطلبة، مع الاهتمام بشؤونهم..

وفي هذا المقال سنحاول تبيان بعض هذه الجهود العلمية المباركة.

• عنايتهم بالقرآن الكريم وعلومه

كان دأب الصوفية الكرام الاهتمام بالقرآن الكريم حفظا وقراءة وتدريسا وتأليفا، وكذا العمل به والتحقق به ظاهرا وباطنا، حتى قالوا: “لا يكون المريد مريدا حتى يجد في القرآن كل ما يريد“.

• تدريس القرآن الكريم

عمل السادة الصوفية على تدريس القرآن الكريم للطلبة وتعليمهم أحكامه، وآدابه، حتى يتعلم الطالب العلم والعمل والأدب، فقد كان الشيخ أحمد بن محمد السجلماسي يعلم الناس الفاتحة ويجودها لهم تجويدا حتى يتقنوها إتقانا تاما، قال فيه الحضيكي: “وقرأنا عليه فاتحة الكتاب مرارا، (…) وقرأ عليه شيخنا الأستاذ قارئ ساحلنا وبلادنا سيدي سعيد بن عبد الرحمن الشبي الفاتحة، فأقام له لسانه في الحروف وجوَّدها له، ودل ذلك على تمهره في علوم القراءات، وقد ألف فيه كتابا عجيبا. وكان مشهورا بالتجويد في بلاد المغرب، وأخوه سيدي صالح على أثره في ذلك[1].

وكانت الرحال تشد إلى الشيخ عبد الله القسطلي من أقاصي البلاد للأخذ عنه، والنهل من علمه الغزير، قال فيه صاحب دوحة الناشر: “وكان رحمه الله إماما تشد إليه الرحال في علوم التفسير وأصول الدين[2].

  وكان سيدي عبد الله بن محمد خرباش الروداني آية في الفضل والعلم والتصوف فقد شارط في عدة مدارس، منها مدرسة عين المدوار، ثم مدرسة المنيزلة، ثم مدرسة أدوسكا، ثم مدرسة الجامع الكبير بتارودانت، وكانت حياته حافلة بالجد والاجتهاد معمور الأوقات، “لا تجده لاهيا أو فارغا من العمل في أي وقت من الأوقات، فهو إما ذاكر أو قارئ أو معلم أو ناسخ أو مذاكر أو مطالع[3]. وكان يدرس ويُحفظ  للطلبة القراءات القرآنية. وقل مثل ذلك للشيخ سيدي محمد اعجلي وقرينه سيدي أحمد أنجار، “فكلاهما رفع راية الروايات السبع وحظي بانتشار التلاميذ الذين تخرجوا به مع صلاح واعتقاد الناس وكثرة الآخذين[4].

ومن نماذج الصوفية الذين يُرَّبُّون طلبتهم على تعلم العلم والأدب، الشيخ سيدي رضوان الذي ربى تلامذته ومريديه على تعظيم القرآن الكريم، يحكي الشيخ أحمد بن محمد الغرناطي عن شيخه سيدي رضوان قصة تأديبه إياه بقوله: “كنت يوما أسرد عليه لوحي بالجامع، فغفلت فحككت رجلي بيدي اليمنى، وجعلت اللوح في اليد اليسرى فخطفه من يدي فأغلظ عليَّ يقول: الذي يمسك اللوح بيده لا يمس بها رجله، أو ما علمت أنه كتاب الله! ثم قال لي: قم فاغسل يدك بالماء..

وكان دأبه الإجلال لكتاب الله، والتعظيم لقدره والتدبر والتخشع، فربما وقف في أثناء القراءة يبكي، ولا يرفع عنه البكاء إلا بعد حين، وهذا حاله حتى فرغت من الختمة عليه في أربع سنين”[5].

وهذا الشيخ الحسن بن علي السملالي كان شديد الورع في نقل أقوال العلماء في درس التفسير، فقد قال فيه العلامة الحضيكي: “كان رضي الله عنه لشدة ورعه يدرس في التفسير، وينقل كلام المفسرين بنصهم فيقول: قال ابن عطية: كذا وكذا بلفظه، ثم يقول: انتهى بلفظه، وقال فلان: كذا وكذا، وكل ذلك لتحريه في النقول وعزو العلم لأهله”[6].

يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..

————————–

1. طبقات الحضيكي، 1/104-105.

2. دوحة الناشر، 32.

3. المعسول، 14/215.

4. نفس المصدر، 5/294.

5. طبقات الحضيكي، 1/53.

6. نفس المصدر، 1/199.

أرسل تعليق