Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

سجلماسة المدينة العامرة المردومة.. (1)

سجلماسة، الاسم والموقع

سجلماسة اسم لمجال ظل طيلة الفترات التاريخية التي مر منها، غير محدد بوضوح وعرف حالات من التوسع والانكماش حسب المتغيرات السياسية، ولذلك اختلف الكتاب القدامى في تقديم معلومات مضبوطة عن المدينة، وبالتالي في ضبط حدودها. وهكذا اتسمت المعطيات التي جاء بها الجغرافيون العرب الأوائل بالتناقض: فاليعقوبي المتوفى سنة (284 هجرية/الموافق لسنة 891 ميلادية)، يغلب على مؤلفه “البلدان[1]،الذي انتهى من تأليفه بمصر سنة (278 هجرية/885 ميلادية)، الطابع الحدثي ولا يتضمن أخبارا كثيرة عن المغرب الذي لم يزره أبدا.

ابن الفقيه الذي توفي بعد سنة (296 هجرية/903) ميلادية، ترك مؤلفا جغرافيا عن الغرب الإسلامي والسودان، اعتمد فيه على كتاب اليعقوبي وسماه مختصر البلدان. طبع بلندن سنة (1889 ميلادية)، وفيه انشغل بالأحداث السياسية أكثر من الظواهر الأخرى. أما ابن خرداذبة المتوفى حوالي سنة (300 هجرية/899 ميلادية)، فقد اهتم في كتابه “المسالك والممالك[2]، بالأقاليم الإسلامية، واصفا الطرق التجارية والمسافات بينها. إلا أن معطياته المتعلقة ركزت أكثر على المشرق، وبالمقابل ظلت مضطربة بالنسبة للغرب الإسلامي. المسعودي المتوفى سنة (345 هجرية/956 ميلادية)، الذي قضى 25 سنة وهو يطوف العالم الإسلامي والممالك المجاورة، سجل في كتابه “مروج الذهب[3]، مشاهداته واصفا أحوال الأمم التي زارها وذاكرا عقائدها وتقاليدها.

أما الإصطخري المتوفى سنة (340 هجرية/بعد 951 ميلادية)، فقد تضمن مؤلفه الجغرافي “المسالك والممالك[4]، معلومات مهمة تعرف ببعض المناطق المغربية. المقدسي الذي توفي سنة (387 هجرية/985 ميلادية)، اعتمد على أخبار المسافرين وحاول أن يصف كل الممالك الإسلامية في كتابه “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم[5]، والذي كتبه في سنة (375 هجرية/977 ميلادية). ومع ذلك؛ فإن معلوماته عن المغرب يشوبها النقصان والغموض.

وإذا كان هؤلاء الكتاب الأوائل قد وصفوا سجلماسة ومجالها عن بُعد واضفوا عظمة المدينة بنوع من الأسطورة؛ فإن الجغرافيين اللاحقين، وخاصة منهم الذين أتيحت لهم فرصة زيارتها “تركوا أوصافا إلى حد ما مفصلة عن سجلماسة خاصة من الناحية السياسية والاقتصادية لكن مع تكرار نفس التفاصيل دائما وبدون تمحيص[6]. فابن حوقل توفي سنة (380 هجرية حوالي 978 ميلادية)، زار المغرب وقدم عنه معلومات مهمة في كتابه “صورة الأرض[7]، الذي يعتبر مصدرا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه. ويعد أبو عبيد الله البكري المتوفى سنة (487 هجرية/1094 ميلادية)، من أبرز المؤلفين الذين كتبوا عن الغرب الإسلامي عامة. فبالرغم من عدم زيارته لمنطقة شمال إفريقيا؛ فإنه انكب وهو مقيم بالأندلس على القراءة ومساءلة التجار والرحالة مما مكنه من تأليف كتابه المشهور: “المسالك والممالك[8]، والذي وصلنا منه الجزء الخاص بالأندلس والمغرب والسودان والذي اعتمدت فيه على طبعة باريس 1968، وعلى طبعة قرطاج 1992.

من جهته أقام الإدريسي والمتوفى سنة (564 هجرية/1159 ميلادية)، مدة ليست بالقصيرة في المغرب قبل أن يلتحق بمدينة بالرمو -Palermo- استجابة لدعوة روجر الثاني ملك صقلية، حيث ألف كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الأفاق[9]. ويعتبر هذا الكتاب من أهم المؤلفات الجغرافية فهو يضم أكثر من أربعين خريطة ويتضمن وصفا للأحوال الاقتصادية بالغرب الإسلامي خلال النصف الأول من القرن (السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي).

أما ياقوت الحموي[10]، توفي حوالي سنة (626 هجرية/1229 ميلادية)، والقزويني[11]، والكاتب المراكشي المجهول الذي عاش في القرن (السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي)، مؤلف “كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار[12]، فقد اعتمدوا أساسا على ما أورده البكري. ويقدم لنا المؤلف المجهول بالخصوص، في القسم الأخير من كتابه والمتعلق بالمغرب الأقصى في عهد الدولة الموحدية، معلومات هامة حول المجهودات المعمارية للموحدين وخاصة خلال حكم الخليفة يعقوب المنصور.

وتنطبق نفس الملاحظة على السرخسي المتوفى سنة (667 هجرية/1255 ميلادية) الذي اعتمد على معلومات التجار والرحالة والكتاب السابقين مثل البكري. أما ابن بطوطة الذي توفي حوالي سنة (778 هجرية/1377 ميلادية)، فقد كان شغوفا بالرحلة وقضى معظم حياته في الترحال، فزار ابتداء من عام (725هجرية/1325 ميلادية)، المشرق وروسيا والهند والصين والسودان والأندلس. ودوَّن رحلته في كتاب اختار له اسم: “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار[13]، الذي طبع أول مرة بباريس سنة 1853 ميلادية.

من جانبه قام محمد بن الحسن الوزان المعروف ب -Jean-Léon l’Africain- بزيارة منطقة سجلماسة في أوائل القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، وقضى بأحد قصورها حوالي سبعة أشهر، ويورد معلومات غنية وفريدة عن المنطقة في كتابه “وصف إفريقيا[14].

يتبع في العدد المقبل..

—————————-

1. اليعقوبي أحمد بن أبي يعقوب بن وحيد الكاتب، كتاب البلدان. ليدن، تحقيق دي كوخ، مطبعة بريل Brill 1967. القاهرة، المطبعة الحيدرية 1957.

2. ابن خرداذبة أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله، المسالك والممالك. ليدن، تحقيق دي كوخ، مطبعة بريل Brill 1889 القاهرة، المطبعة الحيدرية 1967.

3. المسعودي علي بن الحسين، أخبار الزمان. -نشره كيوك- تحت عنوان:Recueil “des sources arabes”.

.concernant l’Afrique Occidentale du XIII au XVI° siècle. Paris, C.N.R.S. 1975 [Sijilmassa: pp. 60-61].

4. الإصطخري أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الكرخي، كتاب المسالك والممالك. تحقيق جابر عبد العالي. القاهرة، دار القلم 1961 نشره كيوك J. Cuoq تحت عنوان:  “Extrait de la géographie de l’Afrique sub-saharienne “Recueil des Sources Arabes; op-cit ]Sijilmassa: p 39 et p 46[.

5. المقدسي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر، كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم.  دمشق، مطبعة وزارة الثقافة والإرشاد القومي 1980. وقام شارل بيلا -Charles Pellat-  بترجمة جزء منه تحت عنوان: Description de l’Occident

 Musulman au IV-X°siècles. Leyde, Imprimerie BRILL, 2°édition 1967. Texte arabe et traduction française. [Sijilmassa: p 219 et p 231].

6. El-Mellouki (Mohamed): Contribution à l’étude de l’histoire des villes médiévales marocaines: Sigilmassa des origines à 668 (H)/1269(J.C). Université Aix -MarseilleI, Thèse de 3° cycle en Etudes et Civilisation Islamiques 1985. Figures et cartes dans le texte, X+511 feuilles dactylographiées)p IV(.

7. ابن حوقل أبو القاسم محمد النصيبي، صورة الأرض. ليدن، مطبعة بريل Brill 1872. بيروت، مكتبة الحياة، الطبعة الأولى 1979، الطبعة الثانية 1992، 432 صفحة. ترجم إلى الفرنسية من طرف J.H. KRAMERS et G. WIET.

.Paris, édition G.P. Maisonneuve et Larose 1964. Deux volumes, 23 cartes hors texte. Collection U.N.S.C.O. d’oeuvres représentatives : série arabe (550 pages.

8. البكري أبو عبيد الله بن عبد العزيز بن محمد، كتاب المسالك والممالك. ترجمه وحققه البارون ذي سلان تحت عنوان: “المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب” أو 1857, Alger, “Description de l’Afrique Septontrionale». الجزء الخاص بالمغرب والسودان ترجم وطبع بباريس سنة 1968. أخر طبعة من تحقيق أدريان فان ليوقن، أندري فيري، قرطاج، بيت الحكمة، الدار العربية للكتاب، جزءان 1992.

9. الإدريسي أبو عبد الله بن محمد بن إدريس: نزهة المشتاق في اختراق الأفاق. حقق من طرف دوزي ودي كوخ بعنوان: “المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس“، ليدن، مطبعة بريل Brill 1864. ترجمه محمد الحاج صدوق إلى الفرنسية تحت عنوان:

.Le Maghreb au VI°siècle (H)/ XII°siècle (J.C) .Paris, édition Publisud 1983. 187 pages de texte arabe et 219 pages de texte français.

10. الحموي شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت، معجم البلدان. نشره كيوك J.Cuoq  في Recueil des Sources Arabes. (pp182-187)، وطبع ببيروت، دار النشر 1957.

11. القزويني زكرياء بن محمد، آثار البلاد وأخبار العباد. بيروت، دار صادر 1969.

12. الاستبصار في عجائب الأمصار وصف مكة والمدينة ومصر وبلاد المغرب. تحقيق سعد زغلول عبد الحميد. الدار البيضاء، دار النشر المغربية 1985.

13. ابن بطوطة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. تقديم وتحقيق عبد الهادي التازي. الرباط، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة التراث. خمس مجلدات 1997 المجلد الرابع.

14. الوزان محمد بن الحسن الفاسي، وصف إفريقيا. تحقيق وترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر. الرباط، الشركة المغربية لدور النشر المتحدة، الطبعة الأولى، جزءان 1982.

أرسل تعليق