Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

تربية النشء

إن الكتابة عن هذا الموضوع جدير بالاهتمام في أن يأخذ حقه في التوعية والتذكير؛ لأن إصلاح أي أمة لا يتم إلا عبر تربية الأجيال تربية صحيحة وبتثقيفها ثقافة صحيحة دون الاعتماد على سلطة التخويف أو سلطة العقاب؛ لأنه ستكون النتيجة الحتمية إما الحصول على نشء (عدواني، انفعالي، حاقد..) أو نشء (مسالم، منسجم، محب…)، وذلك بتوفير بنية ودعامة ما قبل مدرسية تكون عناصرها المادية – النفسية والتنظيمية – التربوية منسجمة مع خصوصيات هذا النشء ومستجيبة لكل متطلباته حتى نكون ملمين/عارفين بطبيعته إلماما جيدا، وحتى تكون لنا القدرة على إشباعه ومده بمبادئ تربوية في سياق محكم ومنظم؛ إذ إننا نجد شخصية الطفل (هذه المادة خام) غالبا ما تكون في حاجة ماسة إلى من يأخذ بيدها ويوجهها نحو الطريق المستقيم/السوي من خلال الاهتمام به وتقديره وكذلك النزول إلى مستوى تفكيره وإلى مستوى فضوليته كي لا يكتسب ردات فعل سلبية قد تتكون لديه جرّاء عدم اللامبالاة التي قد يتعرض لها من طرفه والديه من جهة أو من طرف البيئة المحيطة به من جهة أخرى وكما يقال (الشاعر ابن بيئته) حيث إنه إن تربى في بيئة تهتم به وترعاه حق الرعاية، فالأكيد أن النتيجة سوف تكون إيجابية تؤهله للقيام بدور فعال في حياته.

أما أن يتربى في بيئة يشعر من خلالها بأنه مهملا ولا يُرغب في وجوده أو أن وجوده من عدمه سواء، إما بقسوة والديه عليه أو تجبُّر ونُفور المجتمع المحيط به منه، فالنتيجة (الحتمية) ستكون سلبية والتي قد تخلق لديه انطباعات عدوانية مليئة بالكراهية تجاه نفسه وتجاه الآخرين وتؤدي به في الأخير إلى الانحراف وإلى ما لا يحمد عقباه، فـ “على كل أب وأم ملء رؤوس أطفالهما بالعلم والمعرفة من قبل أن يتم ملء هذه الرؤوس بما لا ينفع؛ لأن القلوب الخالية من الحقيقة، والأرواح الخالية من المعرفة بمثابة مزارع صالحة لإنبات كل الأفكار الضارة ولنمائها، ويكون الحصاد من نوع البذور التي بُذرت فيها [1] .”

كما ينبغي أيضا استغلال الفضاء المحيط بهذا النشء استغلالا محكما حتى نستوعب جميع حاجاته والتي يمكن تلخيصها في:

ـ حاجات جسمية فيزيولوجية: اللعب، الحركة.. التي تعتبر كوسيط تربوي فعّال في تشكيل وتكوين شخصية هذا النشء كي تحقق له النمو العقلي والجسمي والتوازن النفسي..

ـ حاجات اجتماعية: المشاركة، التوجيه، التفاعل مع الآخرين، الحرية في طرح الأسئلة قصد خلق التواصل والاندماج مع البيئة المحيطة به..

ـ حاجات وجدانية: الحب، الحنان، منح الحرية في الخلق والإبداع..

ـ حاجات معرفية: الاكتشاف، عدم قمع فضولية الطفل في التعبير والابتكار..

فالناشئ، إذن، يحتاج إلى قلب سليم يحبه ويرعاه، وقولا لينا وسديدا يخاطبه ويهذب طباعه، وعقلا راجحا يوجهه نحو الأخلاق، نحو المحبة، نحو المعرفة، نحو تقديم العطاء الأفضل… لقوله عز وجل: “فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضو من حولك” [سورة ال عمران: الآية:159].

والحاصل أنه: “لن تكون الأمم المتقدمة في التقنية وفي التكنولوجيا هي الأمم المسيطرة في المستقبل، بل ستكون هذه السيطرة في يد الأمم التي تهتم بمؤسسة الزواج وبمؤسسة العائلة، والتي تنجح في السمو بأجيالها إلى مستوى الإنسانية الحق، أما الأمم التي لا تعير أهمية لمؤسسة الزواج والولادة ولا تهتم بتربية أجيالها حسب فلسفتها في التربية والتوجيه، محكوم عليها بالتحلل والذوبان بين فكي الزمان الذي لا يرحم[2] .”

—————-

1. محمد فتح الله كولن، “الموازين أو أضواء على الطريق”، ترجمة أورخان محمد علي، دار النيل للطباعة والنشر، ط3، (1429ﻫ/2006م)،  ص11.
2.  المرجع نفسه، ص83.

التعليقات

  1. محمد من الرباط

    مقال يستحق الثناء والتقدير،
    أرجو من جميع الأسر المغربية أن تهتم بتربية أجيالها لأنهم رجال المستقبل وأن تكون تربية إسلامية،
    وشكرا لجريدة ميثاق الرابطة على هذه المواضيع المفيدة.

  2. حنان

    خالد،
    رأتمنى أن تزيد في مثل هذه المواضع الاجتماعية؛ لأن مثل هذه النصائح هي ما نفقدها في مجتمعنا؛ لأن الأباء بالخصوص أنواع، هناك أب عاش تحت ضغوط نفسية وعنفية مما أدى به إلى تطبيق ما مورس عليه على أبنائه؛ فهذا غلط، إذن فالأب خصوصا عليه أن يأخذ من تربيته الجانب الإيجابي والجانب الجيد الذي عاشه في حياته ومورس عليه حتى لا يعقد أبنائه ويعيشون مرارة تربيته؛ لأن الجيل الذي عاش ما بين الخمسينيات والستنييات عاش المرارة من آبائهم كانوا يعتقدون أن الضرب هو التربية، والمعاملة السيئة هي التواصل…
    فشكرا على هذا الموضوع، وأتمنى أن يقرأه الجميع حتى تتغير أفكارنا وتصارفتنا اتجاه أبنائنا.
    والسلام.

أرسل تعليق