Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الفيروسات كائنات حية أم ميتة؟

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَاتِينَا السَّاعَةُ  قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَاْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْب لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الاَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ” [سبأ، 3] لقد أظهر الله عز وجل قدرته العظيمة في المخلوقات الكونية، فمنها من تعاظم حجمه، ومنها من تناهى جسمه في الصغر، ومنها ما لا يرى إلا بالأجهزة الإلكترونية الدقيقة كالفيروسات.

يتكون الفيروس من بنية جُسيمية دقيقة الحجم ذات شكل هندسي متماثل وتحتوي على حمض نووي واحد ARN أو ADN، لا يتوفر الفيروس على الأجهزة والعُضيات الضرورية لتكاثره لذلك فالعلماء لا يصنفوه في خانة الكائنات الحية إلا أنه يتميز بطابع طفيلي يُلزمه التطفل على الخلايا الحية، إذ يقتحم الخلية العائلة؛ نباتية حيوانية أو بكتيرية، ثم يتسلل حمضه النووي داخل نواة الخلية الحية ليندمج في جينوم هذه الأخيرة، ثم يتحكم بميكانزمات تسيير الأجهزة الخلوية، فيبدأ بإنتاج واستنساخ المئات من الفيروسات بواسطة الجينوم المتماثل.

تتسبب الفيروسات في العديد من الأمراض البشرية، وهي متفاوتة الخطورة كالأنفلونزا، ومرض التهاب الكبد، ومرض فقدان المناعة المكتسبة، وبعض الأورام السرطانية.. ويمكن أن تُستخدم في العصر الحالي كأدوات علاجية ذات فعالية ممتازة بفضل التطور التكنولوجي؛ فإضافة إلى استعمالها لصناعة اللقاحات الناجعة ضد الأمراض الفيروسية، فقد أصبحت هذه الكائنات مجالا خاصا للعديد من الأبحاث العلمية المعاصرة كالطب، والمحافظة على التوازن البيئي.

فمنذ أن استفحلت معضلة المقاومة البيكتيرية المتعددة للمضادات الحيوية تحولت أنظار بعض العلماء الباحثين في wafمجال العلاج الحيوي إلى خصائص بعض الفيروسات التي تدمر البيكتيريا ليظهر من جديد مصطلح (la phagothérapie) في ساحة البحث العلمي، وهو يعتمد على علاج الأمراض البيكتيرية بالفيروسات القاتلة للبيكتيريا، كما تجرى أبحاث أخرى على إمكانية علاج بعض أنواع السرطان بواسطة الفيروسات التي تدمر بنفس النهج الخلايا السرطانية.

يقدر عدد الفيروسات في الأوساط المائية بـ  104 إلى 108 في كل ميليمتر وهي تمثل 90% من جسيمات البلاكتون، وهي تشارك في العديد من العمليات الإيكولوجية المائية والبيولوجية الكيميائية مثل تدوير المواد الغذائية، ووفيات الطحالب والبكتيريا، وتؤثر أيضا على التنوع الكامل في البيئة البيكتيرية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

إن عالم الفيروسات مليء بالغموض. فالإنسان يجهل الكثير بخصوص هذه الكائنات، فقد جعلها الله عز وجل دقيقة الحجم إلا أنها كثيرة العدد ووفيرة النوع، وتتواجد في كل مكان؛ في الهواء والتراب والماء.. كما أن تأثيرها على حياة البشر لا يخلو من الأهمية فقد تضر بصحته بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد تكون نافعة له قال الله تبارك وتعالى “قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ” [الاَعراف، 188].

جعل الله عز وجل الفيروسات من أدق الكائنات الموجودة على الأرض، فهي أصغر بـ 10 إلى 100 مرة من البكتيريا إذ لا ترى بالمجهر الضوئي بل لابد من المجهر الإلكتروني لرؤيتها، وإن كانت الفيروسات تعد من أبسط المخلوقات تكوينا وتركيبا إلا أنها تتميز بأغرب نمط حياة؛ فهي تتدحرج بين حالة الموت والحياة بحسب الظروف البيئية المتوفرة.. ففي الظروف القاسية تكون على شكل جسيمات ميتة، وعندما تلتقي بخلية عائلة حية تنشط وتتكاثر، قال الله سبحانه وتعالى “يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُون” [الروم، 19].

والله المستعان

أرسل تعليق