Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الدعاء بالمغفرة والرحمة

يقول عز وجل في محكم كتابه العزيز: “قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”  [الاَعراف، 151].

سيق هذا الدعاء في مقام مقالي قص الله تعالى من خلاله عبادة بني إسرائيل للعجل[1]. ولما غاب عنهم موسى عليه السلام، وذهب إلى الطور لمناجاة الله عز وجل. وأثناء غيابه ترك أخاه هارون خليفة، وأوصاه بالإصلاح والاضطلاع بمقتضيات هذه المهمة، وهو ما بسطه كتاب الله تعالى في قوله: “وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ” [الاَعراف، 142] وفي قوله تعالى أيضا: “وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ اَلَمْ يَرَوْا اَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بيْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الاَلْوَاحَ مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الاَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ اَبْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اَسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الاَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” [الاَعراف، 148-150].

يبدو أننا إزاء غضب شديد من موسى عليه السلام بسبب ما أقدم عليه قومه من عبادة العجل، وأيضا بسبب عدم صبرهم. كما إننا إزاء عدم رضاه من خلافة أخيه لقوله تعالى: “وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ اَبْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اَسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الاَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”. وبعد هذا التفسير الذي قدمه هرون لأخيه توجه موسى عليه السلام إلى الله تعالى بالدعاء قائلا: “قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” [الاَعراف، 150]. وبعد هذا التفسير الذي قدمه هارون لأخيه توجه موسى عليه السلام إلى الله تعالى بالدعاء قائلا: “قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي” على سؤال نشأ من حكاية اعتذار هارون عليه السلام، كأنه قيل في هذا السياق: ما ذا قال موسى عندما سمع استعطاف أخيه وما قدمه من تفسيرات للوضع المستجد، فقيل: “قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي” أي اغفر لي ما فعلت، واغفر لأخي ما فرط منه من تقصير في الإنكار على قومه، وفي تغيير ما وقع بهم[2].

والأمر الثاني في هذا الدعاء هو طلب الدخول في الرحمة الإلهية والانتظام في سلكها لقوله تعالى: “وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” وهذا ثناء يدل على الثقة في رحمة الله، فهو “الرحمن الرحيم“، ورحمته وسعت كل شيء لقوله تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” [الاَعراف، 156] هو فضل الله تعالى، وعلى الرجاء الكبير في فضله.

—————————————————

1. ينظر في شأن تفاصيل قصة العجل ما بسطه الرازي في مفاتيح الغيب، ج: 13، ص: 283م.

2. تفسير البيضاوي، ج: 3، ص: 61، وتقسير الطبري ج: 9، ص: 69، واللكشاف، ج: 2، ص: 511، وزاد المسير، ج: 3، ص: 265.

أرسل تعليق