Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

ابن القطان – المشيخة (55)

هذا هو الجزء الخامس والخمسون من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته. وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه، ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته.

أبو يحيى المواق: أبو بكر بن خلف الأنصاري القرطبي الفاسي

(تـ 599هـ)

[القسم التاسع]

أ. مصنفاته

جَلبتُ في القسم الأول من أقسام هذا المقال المخصص لأبي يحيى المواق، أحدِ مشيخة ابن القطان، ما يُحقِّق التعريف به، مما يتعلق باسمه، وكنيته، ولقبه، ومنزلته في العلم؛ وفي القسم الثاني ما تعلق بمشيخته، وفي الثالث ما تعلق بالآخذين عنه، ونبهت في الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، من هذه الأقسام إلى ما حصل لبعض الفضلاء في شيوخ المواق والآخذين عنه من أوهام، وجلبت في الثامن جملة من الآخذين عن ابن صاف الإشبيلي المقرئ، الذي هو غير الإمام المواق الفاسي، والمعروف أيضا بابن صاف، واشتهر بعد ذلك بسيدي صافي، وبه يسمى الدرب الذي تقع فيه داره بمدينة فاس؛ وسأكسر هذا  القسم التاسع الأخير على ما وقفت عليه من مصنفاته؛ ولم أضع لمروياته عنوانا، لأنني لم أقف له على شيء من ذلك، وإن كان أبو يحيى المواق قد حدث، وروى عنه أكابر، كابن القطان، والكلاعي، كما سبق نقل ذلك عن ابن الأبار، وسبب ذلك ظاهر؛ وهو أن الرجل غلبت عليه الدراية فعُني بالحديث –فيما قاله ابن الأبار أيضا- على جهة التفقه والتعليل، والبحث عن الأسانيد والرجال، والزيادات، وما يعارض أو يعاضد، ولم يُعْنَ بالرواية”[1].

فأما المصنفات فإن ابن الأبار -وكتابه يكاد يكون المرجع الوحيد لهذه الترجمة- قال: “له تنبيهات، ومقالات مفيدة منها: في المكاييل والأوزان[2]، ويستشف من كلام ابن الأبار هذا، أن الإمام المواق صنف أجزاء صغيرة في موضوعات جزئية، ونصّ منها على:

 ب. مقالة في المكاييل والأوزان.

وهذا الموضوع كَثُرَ من أهل المغرب طَرْقُه، وتعددت تآليفهم فيه، فممن صنف فيه: أبو الحسن ابن القطان[3]، وابنه الحسن[4]، والعزفي[5]، وأبو محمد عبد الواحد بن محمد بن علي بن السداد الأموي الباهلي[6]، وابن باق[7]، وابن عطية[8]، وابن البنا المراكشي[9]، وممن اعتنى به أيضا من المشارقة، فصنف فيه: التقي المقريزي المصري، والشيخ عبد الرءوف المناوي، والشيخ مصطفى الذهبي المصري، والشيخ عبد القادر الخطيب الطرابلسي[10].

كما أفرد لقضية المكاييل والأوزان جماعةٌ من العلماء فصولا في كتبهم منهم: الخزاعي في ” تخريج الدلالات السمعية ” الفصل الثالث في “معرفة أسماء الأكيال المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة أقدارها وهي المد والصاع والفرق والعرق والوسق[11]، والكتاني في “التراتيب الإدارية” القسم السابع في العمالات الإختزانية وما أضيف إليها، فصل ذكر أسماء الأكيال المستعملة في عهده عليه السلام[12].

 وأما مقالة المواق هذه فذكرها الخزاعي في الفصل الثالث في “معرفة أسماء الأكيال المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة أقدارها وهي المد والصاع والفرق والعرق والوسق”[13]، والكتاني في التراتيب الإدارية[14].

وقد أفاد الدكتور محمد الشريف في غير موضع من كتاباته أن مقالة الإمام المواق هذه في المكاييل والأوزان نشرت في مجلة الدراسات الإسلامية بباريس سنة 1976[15].

هذا، ولا تخفى أهمية معرفة مقادير المكاييل والأوزان الشرعية؛ إذ بها تُعرف أنصبة الزكاة، ومقادير كفارة الأَيْمان، والنفقات، ونصاب القطع في السرقة، وغيرها مما يكثر مِنْ الناس وقوعه في معاملاتهم ومنازعاتهم، ويَضطر ذلك الدولةَ لتحديد مقادير الأكيال والأوزان، تيسيراً لهذه المعاملات، وتسهيلا للفصل في المنازعات التي تَرجِع إليها؛ فلأجل ذلك اهتم بهذا الموضوع العلماء -خصوصا من ولي منهم القضاء، أو كان مقصودا بالإفتاء- اهتماما زائدا.

وإلى هنا -عند هذا القسم التاسع- ينتهي بنا القول في ترجمة الإمام المواق أحد مشيخة الحافظ ابن القطان، ومع عَلَم آخر من شيوخ هذا الحافظ في المقال المقبل إن شاء الله.

 يتبع إن شاء الله

———————————————–

1. التكملة لكتاب الصلة، 1/353. 

2. التكملة لكتاب الصلة، 1/353.

3. صنف في ذلك مقالته في الأوزان والمكاييل الشرعية” ذكرها ابن عبد الملك في مسرد مصنفاته، الذيل والتكملة. السفر الثامن، ق: 1/168، وذكر الخزاعي في “تخريج الدلالات السمعية” ص: 813، ضمن مصادره من كتب أصول الفقه التي استمد منها في كتابه المذكور مقالةً لابن القطان مهملةَ العنوان، وذكر بعدها  مقالةً أخرى لولد ابن القطان: حسن، مهملةَ العنوان أيضا. وهما معا في موضوع واحد هو: “المكاييل والأوزان”، ورغم أن الخزاعي أدخلهما في جملة كتب الأصول، وذكرهما مهملتي العنوان، فإنه نقل من مقالة أبي محمد ابن القطان نقولا نفيسة في الباب السادس من الجزء السابع في ذكر أسماء الأوزان والأكيال الشرعية المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ص: 623، كما نقل نقولا أخرى من مقالة والده أبي الحسن ناصا على موضوعها،ص: 624.

وقد نقل عنها ابن باق في زهرة الروض (8-14)، وقال الأستاذ رشيد الحور محقق الكتاب في ملحق ذكره في آخره النص، وعنونه بـ: هوامش الفقهاء الواردين في النص: “ابن القطان: نظن أن الأمر يتعلق بأبي عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال ابن القطان، زعيم المفتين بقرطبة، توفي سنة 460، انظر: ابن بشكوال، كتاب الصلة 130، ابن فرحون: الديباج المذهب، ج: 2/181-182، عياض: ترتيب المدارك ج8/135، مخلوف: شجرة النور الزكية 119”. قلت: وهذا إبعاد للنجعة، والمقصود بابن القطان الذي وقع النقل عنه الحافظ المشهور: أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك ابن القطان الكتامي الفاسي (628).

4. هي مقالة في المكاييل والأوزان ذكرها في جملة مصادره الخزاعي في تخريج الدلالات ص: 813 كما سبق ذكر ذلك في الهامش السابق؛وأورد الكتاني في التراتيب الإدارية (1/337) مقالة ولد ابن القطان: أبي محمد الحسن ابن أبي الحسن، ضمن ما أُفرد في الأوزان والمكاييل والنقود الشرعية، وذكر أنه أملاها سنة 647؛ وفاتَهُ ذكرُ مقالة أبيه الحافظ أبي الحسن.

5. كتابه من أشهر كتب المغاربة المؤلفة في الموضوع، وعنوانه: “إثبات ما ليس منه بد لمريد الوقوف على حقيقة الدينار والدرهم والصاع والمد” ذكره في جملة مصادره الخزاعي في تخريج الدلالات، ص: 813، وتصحف في المطبوعة من “العزفي” إلى “القرافي”، ونقل عنه، تخريج الدلالات، ص: 624-625، كما نقله عنه أيضا ابن باق في زهرة الروض، ص: 18-48-53

6. نقل عنه ابن باق أيضا ص: 17-19-54.

7. عنوان كتابه، زهرة الروض في تلخيص تقدير الفرض، طبع بتحقيق، الأستاذ رشيد الحور، نشره المجلس الأعلى للأبحاث العلمية، مدريد، 2003.

8. ذكره في جملة مصادره الخزاعي في تخريج الدلالات، ص: 813

9. هي رسالة في مقادير المكاييل الشرعية، ذكرها الخزاعي مبهمة العنوان ضمن مصادره من كتب أصول الفقه، تخريج الدلالات السمعية، ص: 813؛ ثم وجدته ينقل منها ناصا على موضوعها الذي هو مقالة في مقادير المكاييل الشرعية، تخريج الدلالات السمعية، ص: 609-624-625.

10. انظر التراتيب الإدارية لمحمد عبد الحي الكتاني، 1/337.

11. تخريج الدلالات السمعية، 609-629.

12. التراتيب الإدارية، 1/337.

13. تخريج الدلالات السمعية، 629.

14. التراتيب الإدارية، 1/337.

15. فقال: نشرها R. Brunschvig. «Esquisse d’histoire monétaire almohado-hafside» in Etudes d’Islamologie.T. 1.Paris.1976.pp. 97-98

  • مقدمة تحقيق كتاب “إثبات ما ليس منه بدّ” للعزفي، ص: 12- الحاشية رقم: 3.

أرسل تعليق