Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

أكرمك ثلاث كرامات

      في هذه الحكمة المباركة، يجلي الشيخ بن عطاء الله رضي الله عنه عطاءً ثلاثي الأبعاد، اختص به أهلَ كرامته الذاكرين له، الذين تعرضوا لنفحات هدايته تعالى، واستجابوا لأمره “اذكروا الله ذكرا كثيرا” [سورة الاَحزاب، الآية: 41]، وقد استعمل الشيخ رضي الله عنه ثلاث كلمات مفتاحية، هي الإكرام “أكرمك” فهو الكريم الذي كرمه هو الكرم، وكرم مَن دونه انعكاس لكرمه بأمره لا غير، واستعمل كلمة الكرامة، وهي كلمة تدلُّ على ما يُجريه الله على الولي من أفضال لكمال اتباعه للنبي، والأصل فيها الكتمان وعدم الإظهار إلا لضرورة، وإلى هذا أشار العارف بالله الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه بقوله: “كانوا يتسترون بالكرامة كما تتستر المرأة بدم الحيض”، ويقول الشيخ ابن عطاء الله رضي الله عنه: “أكرمك ثلاث كرامات”، فيه إشارة جلية إلى ما تردد على ألسن القوم من قولهم “الاستقامة خير من ألف كرامة” ولاشك أن الذكر من أعظم تجليات الاستقامة.

      واستعمل الشيخ ابن عطاء الله رضي الله عنه كلمة “الجعل” وهو مفهوم أطبق علماء الإسلام أنه يضم ملتقى للعلم، والمشيئة، والقدرة، والخلق والبرء، والإبداع، والاصطفاء “الله أعلم حيث يجعل رسالته” [سورة الاَنعام، جزء من الآية: 124]، فهو الذي يصطفي الذاكرين له، وهذا معنى لطيف، قد تردد وروده في كلام العارفين وأهل الذوق بكيفيات شتى، كلها مقتبسة من وقدة المحبة، وهو قول الشيخ رضي الله عنه “جعلك ذاكرا له، ولولا فضله لم تكن أهلا لجريان ذكره عليك”.

      وقول الشيخ رضي الله عنه: “وجعلك مذكورا به” فيه إشارة إلى أن من اجتبي لذكر الله، سُمّي ذاكرا لله ومذكرا به تعالى، مصداقا لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إن لله عبادا إذا رؤوا ذُكر الله” [أخرجه أحمد في مسنده(45/575)]، وهو قول الشيخ رضي الله عنه: “حقق نسبته لديك” وهو ما نحت منه مفهوم “أهل الله” الذي بات لصيقا بالذاكرين أهل الرسوخ والتمكن، وهذا كما يبرز من قول الشيخ رحمه الله مقام ينبني على مقام الاصطفاء والاجتباء لذكره. أما قول الشيخ رضي الله عنه “وجعلك مذكورا عنده ليتم نعمته عليك” فهو مقتبس من مشكاة قوله تعالى: “فاذكروني أذكركم، واشكروا لي ولا تكفرون” [سورة البقرة، الآية: 152]، ومشكاة قوله تعالى في الحديث القدسي المروي عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “إِذَا ذَكَرَنِي عَبْدِي خَالِيًا ذَكَرْتُهُ خَالِيًا، وَإِذَا ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنَ الْمَلأِ الَّذِي ذَكَرَنِي فِيه” [المعجم الكبير للطبراني، رقم الحديث: 12324]، وذاك تمام النعمة وأكرم بها من نعمة.

      والله المستعان.

 

الأمين العام      

                                                                                                               للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق